يخيل إلى الرجل وهي كاذبة مخالفة لا خير فيها، وأما الصادقة إذا رآها بعد الثلثين من الليل مع حلول الملائكة - وذلك قبل السحر - فهي صادقة لا تختلف (1) إن شاء الله، إلا أن يكون جنبا أو يكون (2) على غير طهور أو لم يذكر الله عز وجل حقيقة ذكره، فإنها تختلف وتبطئ على صاحبها. (3) بيان: قوله " مخرجهما من موضع واحد " لعل المراد أن ارتسامهما في محل واحد، أو أن علتهما معا الارتسام لكن علة الارتسام فيهما مختلفة، وقيل: يعني كليهما صورة علمية يخلقها الله تعالى في قلب عباده بأسباب روحانية أو شيطانية أو طبيعية. قوله عليه السلام في " سلطان المردة الفسقة " أي في أول الليل يستولي على الانسان شهوات ما رآه في النهار، وكثرت في ذهنه الصور الخيالية واختلطت بعضها ببعض، و بسبب كثرة مزاولة الأمور الدنيوية بعد عن ربه وغلبت عليه القوى النفسانية والطبيعية فبسبب هذه الأمور تبعد عنه ملائكة الرحمان وتستولي عليه جنود الشيطان، فإذا كان وقت السحر سكنت قواه وزالت عنه ما اعتراه من الخيالات الشهوانية، فأقبل عليه مولاه بالفضل والاحسان، وأرسل عليه ملائكته ليدفعوا عنه أحزاب الشيطان، فلذا أمره الله تعالى في ذلك الوقت بعبادته ومناجاته، وقال: " إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلا (4) " فما يراه في الحالة الأولى فهو من التسويلات والتخييلات الشيطانية، ومن الوساوس النفسانية، وما يراه في الحالة الثانية فهو من الإفاضات الرحمانية بتوسط الملائكة الروحانية. ثم ذكر عليه السلام علة تخلف بعض الرؤيا مع كونها في السحر، فقال:
إنه إما بسبب جنابة أو حدث أو غفلة عن ذكر الله تعالى، فإنها توجب البعد عن الله و استيلاء الشيطان.
وقال في شرح السنة: قال أرباب التعبير: رؤيا الليل أقوى من رؤيا النهار، و