وكان السلطان يحتمل له ذلك لصلاحه، فلم يزل هذه حاله حتى كان يوما دخل أبو الحسن موسى عليه السلام المسجد فرآه فدنا إليه ثم قال له: يا با علي، ما أحب إلي ما أنت فيه وأسرني بك! إلا أنه ليست بك معرفة، فاذهب فاطلب المعرفة. قال: جعلت فداك وما المعرفة؟ قال له: اذهب وتفقه واطلب الحديث، قال: عمن؟ قال: عن مالك بن أنس وعن فقهاء أهل المدينة، ثم أعرض الحديث علي. قال: فذهب فتكلم معهم ثم جاءه فقرأه عليه، فأسقطه كله، ثم قال له: اذهب واطلب المعرفة، وكان الرجل معنيا بدينه، فلم يزل يترصد أبا الحسن عليه السلام حتى خرج إلى ضيعة له فتبعه ولحقه في الطريق، فقال له: جعلت فداك، إني أحتج عليك بين يدي الله، فدلني على المعرفة. قال فأخبره بأمير المؤمنين وقال له: كان أمير المؤمنين بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وأخبره بأمر أبي بكر وعمر فقبل منه، ثم قال: فمن كان بعد أمير المؤمنين؟ قال:
الحسن، ثم الحسين، حتى انتهى إلى نفسه عليه السلام ثم سكت. قال: جعلت فداك، فمن هو اليوم؟ قال: إن أخبرتك تقبل؟ قال: بلى جعلت فداك، فقال. أنا هو. قال:
جعلت فداك، فشئ أستدل به. قال: اذهب إلى تلك الشجرة - وأشار إلى أم غيلان - فقل لها: يقول لك موسى بن جعفر أقبلي. قال فأتيتها، قال: فرأيتها والله تجب الأرض جبوبا حتى وقفت بين يديه، ثم أشار إليها فرجعت. قال: فأقر به ثم لزم السكوت، فكان لا يراه أحد يتكلم بعد ذلك. وكان من قبل ذلك يرى الرؤيا الحسنة وترى له، ثم انقطعت عنه الرؤيا، فرأى ليلة أبا عبد الله عليه السلام فيما يرى النائم فشكى إليه انقطاع الرؤيا، فقال: لا تغتم فإن المؤمن إذا رسخ في الايمان رفع عنه الرؤيا.
بيان: الجب القطع.
55 - الكافي: عن بعض أصحابه، عن علي بن العباس، عن الحسن بن عبد الرحمان، عن أبي الحسن الأول (1) عليه السلام قال: إن الا حلام لم تكن في ما مضى في أول الخلق، وإنما حدثت. فقلت: وما العلة في ذلك؟ فقال: إن الله عز ذكره - بعث رسولا إلى أهل زمانه فدعا هم إلى عبادة الله وطاعته، فقالوا: إن فعلنا ذلك فما لنا؟