القمر بالسفر والمريخ بالحجامة وسفك الدم والعطارد لشرب الدواء والمشتري بقضاء الحاجات والدعاء والزهرة للتزويج والعرس واجتماع الرجال والنساء مسلمة في هذا الفن لكن مناسبة الزحل بالصيد والشمس بالبناء لا تظهران من هذا الفن، ولعل تخصيص السبت بالصيد مبني على ما روي عن ابن عباس ومجاهد أن اليهود أمروا باليوم الذي أمرتم به وهو يوم الجمعة فتركوه واختاروا السبت فابتلاهم الله به وحرم عليهم الصيد فيه، فإذا كان يوم السبت شرعت لهم الحيتان ينظرون إليها في البحر فإذا انقضت السبت ذهبت وما عادت إلا في السبت المقبل وذلك بلاء ابتلاهم الله به، ووجه التخصيص لألحد بالبناء مذكور في البيت (انتهى).
وأقول: لعل تخصيص السبت بالصيد لأن الله رخص لنا فيه، ويجب المبادرة إلى رخصه كما يجب المبادرة إلى عزائمه، ولذا يستحب الجماع في أول ليلة من شهر رمضان. أو مخالفة لليهود في تحريمهم الصيد فيه. ثم إن البيت الأخير يدل على أن هذا العلم الذي هو شعبة من علم النجوم مختص بهم عليهم السلام لا يعلمه غيرهم كما مر في الاخبار، قال الغزالي في الاحياء: المنهي عنه من النجوم أمران: أحدهما أن يصدق بأنها فاعلة لآثارها مستقلة بها، والثاني تصديق المنجمين في أحكامهم لأنهم يقولونها من جهل، وهذا العلم كان معجزة لبعض الأنبياء عليهم السلام ثم اندرس فلم يبق إلا ما هو مختلط لا يتميز فيه الصواب عن الخطأ، فاعتقاد كون الكواكب أسبابا لآثار تحصل بخلق الله ليس قادحا في الدين بل هو الحق (انتهى) وقال علاء الدولة من الصوفية: إذا أردت أن تعرف أن المطر يحدث بسبب الاتصالات العلوية التي يسميها المنجمون فتح الباب فاقرأ قوله تعالى " ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر (1) " وإذا أردت أن تعرف أن علم النجوم علم الأنبياء فاقرأ قوله تعالى " فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم " (2) ومراد النبي صلى الله عليه وآله من قوله " من آمن بالنجوم فقد كفر " أن من آمن بأنها مستقلات بأنفسها في تدبير العالم غير مسخرات بأمر الله تعالى فقد كفر بالله الذي خلقها وسخرها، وجعلها