على وجه الأرض عناق بنت آدم عليه السلام (1) خلق الله لها عشرين أصبعا في كل أصبع منها ظفران طويلان كالمنجلين العظيمين وكان مجلسها في الأرض موضع جريب فلما بغت بعث الله لها أسدا كالفيل، وذئبا كالبعير، ونسرا كالحمار، وكان ذلك في الخلق الأول فسلطهم الله عليها فقتلوها، ألا وقد قتل الله فرعون وهامان، وخسف بقارون، وإنما هذا مثل لأعدائه الذين غصبوا حقه فأهلكهم الله.
ثم قال علي صلوات الله عليه على أثر هذا المثل الذي ضربه: وقد كان لي حق حازه دوني من لم يكن له، ولم أكن أشركه فيه، ولا توبة له إلا بكتاب منزل أو برسول مرسل، وأنى له بالرسالة بعد محمد صلى الله عليه وآله ولا نبي بعد محمد، فأنى يتوب وهم في برزخ القيامة، غرته الأماني وغره بالله الغرور، قد أشفى على جرف هار فأنهار في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين.
وكذلك مثل القائم عليه السلام في غيبته وهربه واستتاره، مثل موسى عليه السلام خائف مستتر إلى أن يأذن الله في خروجه، وطلب حقه وقتل أعدائه، في قوله " اذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير الذين اخرجوا من ديارهم بغير حق " (2) وقد ضرب بالحسين بن علي صلوات الله عليهما مثلا في بني إسرائيل بإدالتهم من أعدائهم حيث قال علي بن الحسين عليهما السلام لمنهال بن عمرو: أصبحنا في قومنا مثل بني إسرائيل في آل فرعون يذبحون أبناءنا ويستحيون نساءنا (3).
بيان: الخبر الأخير أوردناه في أحوال الحسين عليه السلام وقوله " فلما تقدم " استدلال على أن المراد بفرعون وهامان وجنوده أبو بكر وعمر وأتباعهما لأن الله تعالى ذكر سابقا عليه " ونريد أن نمن " وهذا وعد وظاهره عدم تحقق الموعود بعد.