والده وجده عليهما السلام ومغيبه لما أراد الله إنفاذ أمره، وإنجاز وعده، أكثر البلاد موطئا للحجج بعد طيبة وأم القرى، وأفضلها عندهم لطيب الهواء وقلة الداء وعذوبة الماء الممدوح بلسان الهادي عليه السلام " وأخرجت إليها كرها ولو أخرجت عنها أخرجت كرها " (1) المدعو تارة بسامرا، وأخرى بسر من رأى طهرها الله تعالى من الأرجاس، وجعلها شاغرة عن أشباه الناس، كان يختلج في خاطري، ويتردد في خلدي، أن أبتغي وسيلة بقدر الوسع والميسور، إلى صاحب هذا القصر المشيد، والبيت المعمور، فلم أهتد إلى ذلك المرام سبيلا، ولم أجد لما أتمناه هاديا ولا دليلا.
فمضى على ذلك عشر سنين، فقلت يا نفس: هذا والله هو الخسران المبين إن كنت لا تجدين ما يليق عرضه على هذا السلطان، العظيم القدر والشأن، فلا تقصرين عن قبرة أهدى جرادة إلى سليمان، وهو بمقام من الرأفة والكرم، لا يحوم حوله نبي ولا رسول من الروح إلى آدم، فكيف بغيره من طبقات الأمم، يقبل البضاعة ولو كانت مزجاة، ويتأسى بجده الأطهر في إجابة الدعوات، ولو إلى كراع شاة.
فبينما أنا بين اليأس والطمع، والصبر والجزع، إذ وقع في خاطري أنه قد سقط عن قلم العلامة المجلسي رضوان الله عليه في باب من رآه عليه السلام في الغيبة من المجلد الثالث عشر من البحار، جماعة فازوا بشرف اللقاء، وحازوا السبق الأعلى والقدح المعلى، فلو ضبط أساميهم الشريفة، ونقل قصصهم الطريفة، وغيرهم من الأبرار الذين نالوا المنى بعد صاحب البحار، فيكون كالمستدرك للباب المذكور، والمتمم