يا هؤلاء ما لكم في الريب تترددون وفي الحيرة تنعكسون (1) أو ما سمعتم الله عز وجل يقول: " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " (2) أو ما علمتم ما جاءت به الآثار مما يكون ويحدث في أئمتكم على الماضين والباقين منهم عليهم السلام؟ أو ما رأيتم كيف جعل الله لكم معاقل تأوون إليها، وأعلاما تهتدون بها من لدن آدم إلى أن ظهر الماضي عليه السلام كلما غاب علم بدا علم، وإذا أفل نجم طلع نجم، فلما قبضه الله إليه ظننتم أن الله أبطل دينه، وقطع السبب بينه وبين خلقه، كلا ما كان ذلك ولا يكون، حتى تقوم الساعة، ويظهر أمر الله وهم كارهون.
وإن الماضي عليه السلام مضى سعيدا فقيدا على منهاج آبائه عليهم السلام حذو النعل بالنعل وفينا وصيته وعلمه، ومن هو خلفه، ومن يسد مسده، ولا ينازعنا موضعه إلا ظالم آثم، ولا يدعيه دوننا إلا جاحد كافر، ولولا أن أمر الله لا يغلب، وسره لا يظهر ولا يعلن، لظهر لكم من حقنا ما تبهر (3) منه عقولكم، ويزيل شكوككم، لكنه ما شاء الله كان، ولكل أجل كتاب.
فاتقوا الله، وسلموا لنا، وردوا الأمر إلينا، فعلينا الاصدار، كما كان منا الايراد، ولا تحاولوا كشف ما غطي عنكم، ولا تميلوا عن اليمين، وتعدلوا إلى اليسار، واجعلوا قصدكم إلينا بالمودة على السنة الواضحة، فقد نصحت لكم والله شاهد علي وعليكم، ولولا ما عندنا من محبة صلاحكم ورحمتكم، والاشفاق عليكم، لكنا عن مخاطبتكم في شغل مما قد امتحنا من منازعة الظالم العتل الضال المتابع في غيه، المضاد لربه، المدعي ما ليس له، الجاحد حق من افترض الله طاعته، الظالم الغاصب.