ووافق مخبره ما تضمنه الخبر، لكان ذلك كافيا، ولذلك كان ما تضمنه القرآن من الخبر بالشئ قبل كونه دليلا على صدق النبي صلى الله عليه وآله وأن القرآن من قبل الله تعالى، وإن كان المواضع التي تضمن ذلك محصورة، ومع ذلك مسموعة من مخبر واحد، لكن دل على صدقه من الجهة التي قلناها، على أن الاخبار متواتر بها لفظا ومعنى.
فأما اللفظ فان الشيعة تواترت بكل خبر منه، والمعنى أن كثيرة الاخبار واختلاف جهاتها وتباين طرقها، وتباعد رواتها، تدل على صحتها، لأنه لا يجوز أن يكون كلها باطلة ولذلك يستدل في مواضع كثيرة على معجزات النبي صلى الله عليه وآله التي هي سوى القرآن وأمور كثيرة في الشرع يتواتر، وإن كان كل لفظ منه منقولا من جهة الآحاد وذلك معتمد عند من خالفنا في هذه المسألة، فلا ينبغي أن يتركوه وينسوه إذا جئنا إلى الكلام في الإمامة، والعصبية لا ينبغي أن ينتهي بالإنسان إلى حد يجحد الأمور المعلومة.
وهذا الذي ذكرناه معتبر في مدائح الرجال وفضائلهم ولذلك استدل على سخاء حاتم وشجاعة عمرو وغير ذلك بمثل ذلك وإن كان كل واحد مما يروى من عطاء حاتم ووقوف عمرو في موقف من المواقف، من جهة الآحاد وهذا واضح.
ومما يدل أيضا على إمامة ابن الحسن زائدا على ما مضى أنه لا خلاف بين الأمة أنه سيخرج في هذه الأمة مهدي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا وإذا بينا أن ذلك المهدي من ولد الحسين وأفسدنا قول من يدعي ذلك من ولد الحسين سوى ابن الحسن ثبت أن المراد به هو عليه السلام.
أقول: ثم أورد ما نقلنا عنه سابقا من أخبار الخاصة والعامة في المهدي عليه السلام ثم قال:
وأما الذي يدل على أنه يكون من ولد الحسين عليه السلام فالاخبار التي أوردناها في أن الأئمة اثنا عشر وذكر تفاصيلهم فهي متضمنة لذلك، ولان كل من اعتبر العدد الذي ذكرناها قال: المهدي من ولد الحسين عليه السلام. وهو من أشرنا إليه.