من جهة الدلائل العقلية الكتب الكلامية وأما ما يتعلق بكتابنا من الاخبار المتعلقة بها فقد وفينا حقها على وجه لا يبقى لمنصف بل معاند مجال الشك فيها ولنتكلم فيما التزمه - ره - في ضمن أجوبة اعتراضات المخالف من كون كل من خفي عليه الامام من الشيعة في زمان الغيبة فهم مقصرون مذنبون فنقول:
يلزم عليه أن لا يكون أحد من الفرقة المحقة الناجية في زمان الغيبة موصوفا بالعدالة، لان هذا الذنب الذي صار مانعا لظهوره عليه السلام من جهتهم إما كبيرة أو صغيرة أصروا عليها، وعلى التقديرين ينافي العدالة فكيف كان يحكم بعدالة الرواة والأئمة في الجماعات، وكيف كان يقبل قولهم في الشهادات، مع أنا نعلم ضرورة أن كل عصر من الاعصار مشتمل على جماعة من الأخيار لا يتوقفون مع خروجه عليه السلام وظهور أدنى معجز منه في الاقرار بإمامته وطاعته، وأيضا فلا شك في أن في كثير من الاعصار الماضية كان الأنبياء والأوصياء محبوسين ممنوعين عن وصول الخلق إليهم، وكان معلوما من حال المقرين أنهم لم يكونوا مقصرين في ذلك بل نقول: لما اختفى الرسول صلى الله عليه وآله في الغار كان ظهوره لأمير المؤمنين صلوات الله عليه وكونه معه لطفا له، ولا يمكن إسناد التقصير إليه فالحق في الجواب أن اللطف إنما يكون شرطا للتكليف إذا لم يكن مشتملا على مفسدة فإنا نعلم أنه تعالى إذا أظهر علامة مشيته عند ارتكاب المعاصي على المذنبين كأن يسود وجوههم مثلا، فهو أقرب إلى طاعتهم وأبعد عن معصيتهم، لكن لاشتماله على كثير من المفاسد لم يفعله، فيمكن أن يكون ظهوره عليه السلام مشتملا على مفسدة عظيمة للمقرين يوجب استئصالهم واجتياحهم، فظهوره عليه السلام مع تلك الحال ليس لطفا لهم وما ذكره - رحمه الله - من أن التكليف مع فقد اللطف كالتكليف مع فقد الآلة فمع تسليمه إنما يتم إذا كان (لطفا و) ارتفعت المفاسد المانعة عن كونه لطفا.
وحاصل الكلام أن بعد ما ثبت من الحسن والقبح العقليين وأن العقل يحكم بأن اللطف على الله تعالى واجب، وأن وجود الامام لطف باتفاق جميع العقلاء على أن المصلحة في وجود رئيس يدعو إلى الصلاح، ويمنع عن الفساد، و