ويكم إني نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا والرزايا وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة الذي خص الله تقدس اسمه به محمدا والأئمة من بعده عليه وعليهم السلام، وتأملت فيه مولد قائمنا وغيبته وابطاؤه وطول عمره وبلوى المؤمنين (به من بعده) في ذلك الزمان وتولد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته، وارتداد أكثرهم عن دينهم، وخلعهم ربقة الاسلام من أعناقهم، التي قال الله تقدس ذكره: " وكل انسان ألزمناه طائره في عنقه " يعني الولاية، فأخذتني الرقة، واستولت علي الأحزان.
فقلنا: يا بن رسول الله كرمنا وشرفنا باشراكك إيانا في بعض ما أنت تعلمه من علم قال: إن الله تبارك وتعالى أدار في القائم منا ثلاثة أدارها في ثلاثة من الرسل قدر مولده تقدير مولد موسى عليه السلام، وقدر غيبته غيبة عيسى عليه السلام، و قدر إبطاؤه تقدير إبطاء نوح عليه السلام وجعل من بعد ذلك عمر العبد الصالح أعني الخضر دليلا على عمره فقلت: اكشف لنا يا بن رسول الله عن وجوه هذه المعاني.
قال: أما مولد موسى فإن فرعون لما وقف على أن زوال ملكه على يده أمر باحضار الكهنة، فدلوه على نسبه وأنه يكون من بني إسرائيل ولم يزل يأمر أصحابه بشق بطون الحوامل من (النساء) بني إسرائيل حتى قتل في طلبه نيفا وعشرين ألف مولود وتعذر عليه الوصول إلى قتل موسى لحفظ الله تبارك وتعالى إياه.
كذلك بنو أمية وبنو العباس لما وقفوا على أن زوال ملكهم والأمراء والجبابرة منهم على يد القائم منا، ناصبونا العداوة، ووضعوا سيوفهم في قتل آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وإبادة نسله طمعا منهم في الوصول إلى قتل القائم عليه السلام ويأبى الله أن يكشف أمره لواحد من الظلمة إلى أن يتم نوره ولو كره المشركون.
وأما غيبة عيسى عليه السلام فان اليهود والنصارى اتفقت على أنه قتل وكذبهم الله عز وجل بقوله: " وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم " كذلك غيبة القائم عليه السلام فان الأمة تنكرها (لطولها) فمن قائل بغير هدى بأنه لم يولد وقائل يقول: