فخرجت وأنا أستصغر فهمه، فعبرنا حتى إذا وصلنا ذلك الموضع الذي وقعت المناظرة في القبور ارتفعت سحابة واسودت وأرعدت وأبرقت حتى إذا صارت على رؤسنا أرسلت علينا بردا مثل الصخور (1) وقد شد على نفسه وعلى غلمانه الخفاتين ولبسوا اللبابيد والبرانس، قال لغلمانه ادفعوا إلى يحيى لبادة وإلى الكاتب برنسا وتجمعنا والبرد يأخذنا حتى قتل من أصحابي ثمانين رجلا وزالت ورجع الحر كما كان فقال لي: يا يحيى أنزل من بقي من أصحابك ليدفن من قد مات من أصحابك فهكذا يملا الله البرية قبورا قال: فرميت نفسي عن دابتي وعدوت إليه وقبلت ركابه ورجله وقلت: أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وأنكم خلفاء الله في أرضه، وقد كنت كافرا وإنني الآن قد أسلمت على يديك يا مولاي قال يحيى: وتشيعت ولزمت خدمته إلى أن مضى (2).
28 - الخرائج: روى هبة الله بن أبي منصور الموصلي أنه كان بديار ربيعة كاتب نصراني وكان من أهل كفرتوثا (3) يسمى يوسف بن يعقوب وكان بينه وبين والدي صداقة، قال: فوافى فنزل عند والدي فقال له: ما شأنك قدمت في هذا الوقت؟
قال: دعيت إلى حضرة المتوكل ولا أدري ما يراد مني إلا أني اشتريت نفسي من الله بمائة دينار، وقد حملتها لعلي بن محمد بن الرضا عليهم السلام معي فقال له والدي:
قد وفقت في هذا.
قال: وخرج إلى حضرة المتوكل وانصرفت إلينا بعد أيام قلائل فرحا مستبشرا فقال له والدي: حدثني حديثك، قال: صرت إلى سر من رأى وما دخلتها قط فنزلت في دار وقلت أحب أن أوصل المائة إلى ابن الرضا عليه السلام قبل