فكنا بباب المتوكل يوما إذا خرج الامر باحضار علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام فقلت لبعض من حضر: من هذا الرجل الذي قد أمر باحضاره؟ فقيل: هذا رجل علوي تقول الرافضة بإمامته، ثم قال: ويقدر أن المتوكل يحضره للقتل فقلت:
لا أبرح من ههنا حتى أنظر إلى هذا الرجل أي رجل هو؟
قال: فأقبل راكبا على فرس، وقد قام الناس يمنة الطريق ويسرتها صفين ينظرون إليه، فلما رأيته وقع حبه في قلبي فجعلت أدعو في نفسي بأن يدفع الله عنه شر المتوكل، فأقبل يسير بين الناس وهو ينظر إلى عرف دابته لا ينظر يمنة ولا يسرة، وأنا دائم الدعاء. فلما صار إلي أقبل بوجهه إلي وقال: استجاب الله دعاءك، وطول عمرك، وكثر مالك وولدك قال: فارتعدت ووقعت بين أصحابي فسألوني وهم يقولون: ما شأنك؟ فقلت: خير ولم أخبر بذلك.
فانصرفنا بعد ذلك إلى إصفهان، ففتح الله علي وجوها من المال، حتى أنا اليوم أغلق بابي على ما قيمته ألف ألف درهم، سوى مالي خارج داري، ورزقت عشرة من الأولاد، وقد بلغت الآن من عمري نيفا وسبعين سنة وأنا أقول بامامة الرجل على الذي علم ما في قلبي، واستجاب الله دعاءه في ولي (1).
27 - الخرائج: روي يحيى بن هرثمة، قال: دعاني المتوكل قال: اختر ثلاث مائة رجل ممن تريد واخرجوا إلى الكوفة، فخلفوا أثقالكم فيها، واخرجوا إلى طريق البادية إلى المدينة، فأحضروا علي بن محمد بن الرضا إلى عندي مكرما معظما مبجلا.
قال: ففعلت وخرجنا وكان في أصحابي قائد من الشراة (2) وكان لي تكاتب يتشيع وأنا على مذهب الحشوية وكان ذلك الشاري يناظر ذلك الكاتب وكنت أستريح إلى مناظر تهما لقطع الطريق.