ابن علي وتعرف خبره وحاله وبعث إلى نفر من المتطببين فأمر هم بالاختلاف إليه، وتعاهده في صباح ومساء.
فلما كان بعد ذلك بيومين جاءه من أخبره أنه قد ضعف، فركب حتى بكر إليه ثم أمر المتطببين بلزومه، وبعث إلى قاضي القضاة فأحضره مجلسه، وأمره أن يختار من أصحابه عشرة ممن يوثق به في دينه وأمانته وورعه فأحضرهم فبعث بهم إلى دار الحسن وأمرهم بلزومه ليلا ونهارا.
فلم يزالوا هناك حتى توفي لأيام مضت من شهر ربيع الأول من سنة ستين ومائتين فصارت سر من رأى ضجة واحدة " مات ابن الرضا ".
وبعث السلطان إلى داره من يفتشها ويفتش حجرها، وختم على جميع ما فيها وطلبوا أثر ولده، وجاؤا بنساء يعرفن الحبل، فدخلن على جواريه فنظر إليهن فذكر بعضهن أن هناك جارية بها حبل، فأمر بها فجعلت في حجرة ووكل بها نحرير الخادم وأصحابه، ونسوة معهم (1) ثم أخذوا بعد ذلك في تهيئته، وعطلت الأسواق، وركب أبي وبنو هاشم، والقواد والكتاب وسائر الناس إلى جنازته فكانت سر من رأى يومئذ شبيها بالقيامة.
فلما فرغوا من تهيئته، بعث السلطان إلى أبي عيسى ابن المتوكل، فأمره بالصلاة عليه، فلما وضعت الجنازة للصلاة، دنا أبو عيسى منها فكشف عن وجهه فعرضه على بني هاشم من العلوية والعباسية والقواد والكتاب والقضاة والفقهاء والمعدلين، وقال: هذا الحسن بن علي بن محمد بن الرضا مات حتف أنفه على فراشه حضره من خدم أمير المؤمنين وثقاته فلان وفلان ومن المتطببين فلان وفلان، ومن القضاة فلان وفلان.
ثم غطى وجهه، وقام فصلى عليه وكبر عليه خمسا وأمر بحمله، وحمل من وسط داره، ودفن في البيت الذي دفن فيه أبوه.