فلم يبق أحد إلا ابتل حتى غرق بالمطر، وعاد عليه السلام وهو سالم من جميعه فقلت في نفسي: يوشك أن يكون هو الامام، ثم قلت: أريد أن أسأله عن الجنب إذا عرق في الثوب، فقلت في نفسي إن كشف وجهه فهو الامام، فلما قرب مني كشف وجهه ثم قال: إن كان عرق الجنب في الثوب وجنابته من حرام لا يجوز الصلاة فيه، و إن كان جنابته من حلال فلا بأس فلم يبق في نفسي بعد ذلك شبهة (1).
54 - مناقب ابن شهرآشوب: في كتاب البرهان عن الدهني أنه لما ورد به عليه السلام سر من رأى كان المتوكل برا به ووجه إليه يوما بسلة فيها تين، فأصاب الرسول المطر فدخل إلى المسجد ثم شرهت نفسه إلى التين، ففتح السلة وأكل منها، فدخل وهو قائم يصلي فقال له بعض خدمه: ما قصتك فعرفه القصة قال له: أو ما علمت أنه قد عرف خبرك وما أكلت من هذا التين فقامت على الرسول القيامة، ومضى مبادرا إلى منزله حتى إذا سمع صوت البريد ارتاع هو ومن في منزله بذلك، الخبر (2).
الحسين بن علي: أنه أتى النقي عليه السلام رجل خائف وهو يرتعد ويقول: إن ابني اخذ بمحبتكم والليلة يرمونه من موضع كذا ويدفنونه تحته، قال: فما تريد؟
قال: ما يريد الأبوان، فقال: لا بأس عليه اذهب فان ابنك يأتيك غدا.
فلما أصبح أتاه، ابنه فقال: يا بني ما شأنك؟ قال: لما حفروا القبر و شدوا لي الأيدي أتاني عشرة أنفس مطهرة معطرة، وسألوا عن بكائي فذكرت لهم، فقالوا: لو جعل الطالب مطلوبا تجرد نفسك وتخرج وتلزم تربة النبي عليه السلام؟
قلت: نعم فأخذوا الحاجب فرموه من شاهق الجبل ولم يسمع أحد جزعه ولا رأوا الرجال وأوردوني إليك وهم ينتظرون خروجي إليهم، وودع أباه وذهب.
فجاء أبوه إلى الامام وأخبره بحاله فكان الغوغاء تذهب وتقول: وقع كذا وكذا والإمام عليه السلام يتبسم ويقول: إنهم لا يعلمون ما نعلم (3).