بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٠ - الصفحة ١٦٣
فسأله قال: إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وآله: " لقد نصركم الله في مواطن كثيرة " (1) فعددنا مواطن رسول الله صلى الله عليه وآله فبلغت ثمانين موطنا، فرجع إليه فأخبر ففرح و أعطاه عشرة آلاف درهم (2).
(١) براءة: ٢٥.
(٢) مناقب آل أبي طالب ج ٤ ص ٤٠٢، وقد رواه الكليني في الكافي ج ٧ ص ٤٦٣ وهذا نصه:
علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه ذكره قال: لما سم المتوكل نذر ان عوفي ان يتصدق بمال كثير، فلما عوفي سأل الفقهاء عن حد المال الكثير فاختلفوا عليه فقال بعضهم: مائة الف، وقال بعضهم: عشرة آلاف، فقالوا فيه أقاويل مختلفة، فاشتبه عليه الامر فقال رجل من ندمائه يقال له: صفعان الا تبعث إلى هذا الأسود فتسأل عنه.
فقال له المتوكل: من تعنى ويحك؟ فقال له: ابن الرضا، فقال له: وهو يحسن من هذا شيئا؟ فقال: ان أخرجك من هذا فلي عليك كذا وكذا، والا فاضربني مائة مقرعة فقال المتوكل: قد رضيت، يا جعفر بن محمود! صر إليه وسله عن حد المال الكثير.
فصار جعفر بن محمود إلى أبي الحسن علي بن محمد عليه السلام فسأله عن حد المال الكثير فقال: الكثير ثمانون، فقال له جعفر: يا سيدي: انه يسألني عن العلة فيه، فقال له أبو الحسن عليه السلام: ان الله عز وجل يقول: لقد نصركم الله في مواطن كثيرة، فعددنا تلك المواطن فكانت ثمانين.
أقول: وقد أفتى بذلك أصحابنا رضوان الله عليهم: قال الشهيد في محكى الدروس:
ولو نذر الصدقة من ماله بشئ كثير فثمانون درهما، لرواية أبى بكر الحضرمي عن أبي الحسن عليه السلام، ولو قال: بمال كثير ففي قضية الهادي " ع " مع المتوكل ثمانون، وردها ابن إدريس إلى ما يعامل به إن كان درهما أو دينارا، وقال الفاضل: المال المطلق ثمانون درهما والمقيد بنوع ثمانون من ذلك.
أقول: لو أوصى أو نذر لله بالكثير فأقل تفسير العياشي يجب في ماله: الثمانون لا انه ان زاد عليه فليس به، وإنما قال " ع " بالثمانين فان المرجع الوحيد الذي يرفع الاختلاف من العرف هو القرآن المجيد وقد أطلق الكثير في مورد الثمانين: فنعلم ان الثمانين كثير قطعا بشهادة الله العزيز في كتابه واما أقل من ذلك فهو مختلف فيه، وليس عليه شاهد.