بلغ الكتاب أجله، وقد عزم هذا الطاغي على سمي في عنب ورمان مفروك، فأما العنب فإنه يغمس السلك في السم ويجذبه بالخيط في العنب وأما الرمان فإنه يطرح السم في كف بعض غلمانه ويفرك الرمان بيده ليلطخ حبه في ذلك السم.
وإنه سيدعوني في ذلك اليوم المقبل، ويقرب إلى الرمان والعنب، ويسألني أكلهما فآكلهما، ثم ينفذ الحكم ويحضر القضاء فإذا أنا مت فسيقول أنا اغسله بيدي فإذا قال ذلك، فقل له عني بينك وبينه، إنه قال لي لا تتعرض لغسلي ولا لتكفيني ولا لدفني، فإنك إن فعلت ذلك عاجلك من العذاب ما اخر عنك، وحل بك أليم ما تحذر، فإنه سينتهي.
قال: فقلت: نعم يا سيدي قال: فإذا خلى بينك وبين غسلي فسيجلس في علو من أبنيته، مشرفا على موضع غسلي لينظر، فلا تعرض يا هرثمة لشئ من غسلي حتى ترى فسطاطا أبيض قد ضربت في جانب الدار، فإذا رأيت ذلك فاحملني في أثوابي التي أنا فيها فضعني من وراء الفسطاط وقف من ورائه، ويكون من معك دونك ولا تكشف عن الفسطاط حتى تراني فتهلك، فإنه سيشرف عليك ويقول لك: يا هرثمة أليس زعمتم أن الامام لا يغسله إلا إمام مثله فمن يغسل أبا الحسن علي بن موسى وابنه محمد بالمدينة من بلاد الحجاز ونحن بطوس؟.
فإذا قال ذلك فأجبه وقل له: إنا نقول إن الامام لا يحب أن يغسله إلا إمام فان تعدى متعد وغسل الامام لم تبطل إمامة الامام لتعدي غاسله، ولا بطلت إمامة الامام الذي بعده بأن غلب على غسل أبيه، ولو ترك أبو الحسن علي بن موسى بالمدينة لغسله ابنه محمد ظاهرا مكشوفا ولا يغسله الآن أيضا إلا هو من حيث يخفى. فإذا ارتفع الفسطاط فسوف تراني مدرجا في أكفاني، فضعني على نعش واحملني.
فإذا أراد أن يحفر قبري فإنه سيجعل قبر أبيه هارون الرشيد قبلة لقبري ولا يكون ذلك أبدا فإذا ضربت المعاول نبت عن الأرض ولم ينحفر منها شئ، ولا