ولا تقصرن في ذلك، فقال محمد بن علي: أفعل ذلك إنشاء الله، ولا أكون إلا عندما تحب.
قال: ثم ودعه محمد بن علي ورجع إلى المدينة ففرق ذلك المال كله في أهل بيته، وسائر بني هاشم وقريش حتى لم يبق من بني هاشم وقريش: من الرجال والنساء والذرية والموالي إلا صار إليه شئ من ذلك المال، ثم خرج محمد بن علي رضي الله عنه من المدينة إلى مكة فأقام بها مجاورا لا يعرف شيئا غير الصوم والصلاة وصلى الله على محمد وآله ورضي عنهم ورزقنا شفاعتهم بحوله ومنه وفضله وكرمه إنشاء الله تعالى أقول: قال العلامة - رحمه الله - روى البلاذري قال: لما قتل الحسين عليه السلام كتب عبد الله بن عمر إلى يزيد بن معاوية: " أما بعد فقد عظمت الرزية وجلت المصيبة وحدث في الاسلام حدث عظيم ولا يوم كيوم الحسين " فكتب إليه يزيد " أما بعد يا أحمق فإننا جئنا إلى بيوت منجدة، وفرش ممهدة، ووسائد منضدة، فقاتلنا عنها فان يكن الحق لنا فعن حقنا قاتلنا، وإن كان الحق لغيرنا فأبوك أول من سن هذا وابتز واستأثر بالحق على أهله " أقول: قد سبق في كتاب الفتن خبر طويل أخرجناه من كتاب دلائل الإمامة بإسناده عن سعيد بن المسيب أنه لما ورد نعي الحسين عليه السلام المدينة، وقتل ثمانية عشر من أهل بيته وثلاث وخمسين رجلا من شيعته، وقتل علي ابنه بين يديه بنشابة وسبي ذراريه، خرج عبد الله بن عمر إلى الشام منكرا لفعل يزيد ومستنفرا للناس عليه حتى أتى يزيد وأغلظ له القول فخلا به يزيد وأخرج إليه طومارا طويلا كتبه عمر إلى معاوية وأظهر فيه أنه على دين آبائه من عبادة الأوثان. وأن محمدا كان ساحرا غلب على الناس بسحره، وأوصاه بأن يكرم أهل بيته ظاهرا ويسعى في أن يجتثهم عن جديد الأرض ولا يدع أحدا منهم عليها في أشياء كثيرة، قد مر ذكرها فلما قرأه ابن عمر رضي بذلك ورجع، وأظهر للناس أنه محق فيما أتى به، ومعذور فيما فعله، ولنعم ما قيل " ما قتل الحسين إلا في يوم السقيفة " فلعنة الله على من أسس أساس الظلم والجور على أهل بيت النبي صلوات الله عليهم أجمعين.