صباحا بالسواد، وإن الشمس بكت أربعين صباحا بالكسوف والحمرة، وإن الجبال تقطعت وانتثرت، وإن البحار تفجرت، وإن الملائكة بكت أربعين صباحا على الحسين، وما اختضب منا امرأة ولا ادهنت ولا اكتحلت ولا رجلت حتى أتانا رأس عبيد الله بن زياد لعنه الله، وما زلنا في عبرة بعده.
وكان جدي إذا ذكره بكى حتى تملأ عيناه لحيته، وحتى يبكي لبكائه رحمة له من رآه وإن الملائكة الذين عند قبره ليبكون فيبكي لبكائهم كل من في الهواء والسماء من الملائكة، ولقد خرجت نفسه عليه السلام فزفرت جهنم زفرة كادت الأرض تنشق لزفرتها، ولقد خرجت نفس عبيد الله بن زياد ويزيد بن معاوية لعنهم الله فشهقت جهنم شهقة لولا أن الله حبسها بخزانها لأحرقت من على ظهر الأرض من فورها، ولو يؤذن لها ما بقي شئ إلا ابتلعته، ولكنها مأمورة مصفودة، ولقد عتت على الخزان غير مرة حتى أتاها جبرئيل فضربها بجناحه فسكنت وإنها لتبكيه وتندبه، وإنها لتتلظى على قاتله، ولولا من على الأرض من حجج الله لنقضت الأرض، وأكفأت ما عليها، وما تكثر الزلازل إلا عند اقتراب الساعة.
وما عين أحب إلى الله ولا عبرة من عين بكت ودمعت عليه، وما من باك يبكيه إلا وقد وصل فاطمة وأسعدها عليه، ووصل رسول الله صلى الله عليه وآله وأدى حقنا، وما من عبد يحشر إلا وعيناه باكية إلا الباكين على جدي فإنه يحشر وعينه قريرة، والبشارة تلقاه والسرور على وجهه، والخلق في الفزع وهم آمنون، والخلق يعرضون وهم حداث الحسين عليه السلام تحت العرش وفي ظل العرش، لا يخافون سوء الحساب يقال لهم ادخلوا الجنة فيأبون ويختارون مجلسه وحديثه، وإن الحور لترسل إليهم أنا قد اشتقناكم مع الولدان المخلدين فما يرفعون رؤوسهم إليهم لما يرون في مجلسهم من السرور والكرامة وإن أعداءهم من بين مسحوب بناصيته إلى النار، ومن قائل: " ما لنا من شافعين ولا صديق حميم " وإنهم ليرون منزلهم وما يقدرون أن يدنوا إليهم، ولا يصلون إليهم، وإن الملائكة لتأتيهم بالرسالة من أزواجهم ومن خزانهم (1) على ما أعطوا من الكرامة