اطلعني على الذي يريد لخرجت معه إلى الحسين (1).
فأخذ يدنو من الحسين قليلا قليلا، فقال له مهاجر بن أوس: ما تريد يا ابن يزيد؟ أتريد أن تحمل؟ فلم يجبه فأخذه مثل الأفكل وهي الرعدة، فقال له المهاجر: إن أمرك لمريب، والله ما رأيت منك في موقف قط مثل هذا، ولو قيل لي:
من أشجع أهل الكوفة؟ لما عدوتك، فما هذا الذي أرى منك؟ فقال له الحر: إني والله أخير نفسي بين الجنة والنار، فوالله لا أختار على الجنة شيئا ولو قطعت وأحرقت.
ثم ضرب فرسه فلحق الحسين عليه السلام فقال له: جعلت فداك يا ابن رسول الله أنا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع، وسايرتك في الطريق، وجعجعت بك في هذا المكان، وما ظننت أن القوم يردون عليك ما عرضته عليهم، ولا يبلغون منك هذه المنزلة، والله لو علمت أنهم ينتهون بك إلى ما أرى ما ركبت مثل الذي ركبت، وأنا تائب إلى الله مما صنعت، فترى لي من ذلك توبة؟ فقال له الحسين عليه السلام: نعم يتوب الله عليك فأنزل فقال: أنا لك فارسا خير مني راجلا أقاتلهم على فرسي ساعة، وإلى النزول ما يصير آخر أمري، فقال له الحسين عليه السلام:
فاصنع يرحمك الله ما بدا لك.
فاستقدم أمام الحسين عليه السلام فقال: يا أهل الكوفة لأمكم الهبل والعبر (2) أدعوتم هذا العبد الصالح حتى إذا أتاكم أسلمتموه؟ وزعمتم أنكم قاتلوا أنفسكم دونه ثم عدوتم عليه لتقتلوه؟ أمسكتم بنفسه، وأخذتم بكلكله، وأحطتم به من كل جانب لتمنعوه التوجه إلى بلاد الله العريضة، فصار كالأسير في أيديكم: لا يملك لنفسه نفعا ولا يدفع عنها ضرا، وحلأتموه ونساءه وصبيته وأهله عن ماء الفرات الجاري تشربه اليهود والنصارى والمجوس، وتمرغ فيه خنازير السواد وكلابهم، وهاهم قد صرعهم العطش، بئسما خلفتم محمدا في ذريته، لا سقاكم الله يوم الظمأ