المعنى الذي هو الاستخلاف وإيجاب فرض الطاعة لعلي عليه السلام لأنه يحتمل التأويل أو لان غيره عندك أبين وأفصح عن المعنى للزمك (1) إن كنت معتزليا أن الله عز وجل لم يرد بقوله في كتابه: " لا تدركه الابصار (2) " أي لا يرى لان قولك " لا يرى " يحتمل التأويل، وإن الله عز وجل لم يرد بقوله في كتابه: " والله خلقكم وما تعملون " (3) أنه خلق الأجسام التي يعمل فيها العباد دون أفعالهم، فإنه لو أراد ذلك لأوضحه بأن يقول قولا لا يقع فيه التأويل، وأن يكون الله عز وجل لم يرد بقوله: " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم " (4) أن كل قاتل المؤمن ففي جهنم، كانت معه أعمال صالحة أم لا، لأنه لم يبين ذلك بقول لا يحتمل التأويل، وإن كنت أشعريا لزمك ما لزم المعتزلة بما ذكرناه كله، لأنه لم يبين ذلك بلفظ يفصح عن معناه الذي هو عندك بالحق.
وإن كان من أصحاب الحديث قيل له: يلزمك أن لا يكون قال النبي صلى الله عليه وآله " إنكم ترون ربكم كما ترون القمر في ليلة البدر لا تضامون (5) في رؤيته " لأنه قال قولا يحتمل التأويل ولم يفصح به، وهو لا يقول: ترونه بعيونكم لا بقلوبكم، ولما كان هذا الخبر يحتمل التأويل ولم يكن مفصحا علمنا أن النبي صلى الله عليه وآله لم يعن به الرؤية التي ادعيتموها، وهذا اختلاط شديد، لان أكثر الكلام في القرآن وأخبار النبي صلى الله عليه وآله بلسان عربي ومخاطبة لقوم فصحاء على أحوال تدل على مراد النبي صلى الله عليه وآله.
وربما وكل علم المعنى إلى العقول أن يتأمل الكلام، ولا أعلم عبارة عن معنى فرض الطاعة أوكد من قول النبي صلى الله عليه وآله: " ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم " ثم قوله: " فمن كنت مولاه فعلي مولاه " لأنه كلام مرتب على إقرار المسلمين للنبي صلى الله عليه وآله يعني الطاعة وأنه أولى بهم من أنفسهم، ثم قال: " فمن كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه " لان معنى " فمن كنت مولاه " هو " فمن كنت أولى به من نفسه "