إنا ومخالفينا قد روينا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قام يوم غدير خم وقد جمع المسلمين فقال: أيها الناس ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ فقالوا: اللهم بلى، قال صلى الله عليه وآله:
فمن كنت مولاه فعلي مولاه، فقال (1): اللهم وال من والاه وعاد من عاداه و انصر من نصره واخذل من خذله، ثم نظرنا في معنى قول النبي صلى الله عليه وآله: " ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم " ثم في معنى قوله صلى الله عليه وآله: " فمن كنت مولاه فعلي مولاه " فوجدنا ذلك ينقسم في اللغة على وجوه لا يعلم في اللغة غيرها، أنا ذاكرها إن شاء الله تعالى، ونظرنا فيما يجمع له النبي صلى الله عليه وآله الناس ويخطب به ويعظم الشأن فيه فإذا هو شئ لا يجوز أن يكونوا علموه فكرره عليهم، ولا شئ لا يفيدهم بالقول فيه معنى، لان ذلك في صفة العابث، والعبث عن رسول الله صلى الله عليه وآله منفي، فنرجع إلى ما يحتمله لفظة المولى في اللغة.
يحتمل أن يكون المولى مالك الرق كما يملك المولى عبده (2)، وله أن يبيعه و يهبه، ويحتمل أن يكون المولى المعتق من الرق، ويحتمل أن يكون المولى المعتق، و وهذه الثلاثة الأوجه (3) مشهورة عند الخاصة والعامة، فهي ساقطة في قول النبي صلى الله عليه وآله لأنه لا يجوز أن يكون عنى بقوله: " فمن كنت مولاه فعلي مولاه " واحدة منها، لأنه لا يملك بيع المسلمين ولا عتقهم من رق العبودية ولا أعتقوه، ويحتمل أيضا أن يكون المولى ابن العم قال الشاعر.
مهلا بني عمنا مهلا موالينا * لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا (4)