حجة على الخبر المجمع عليه، ولو أن زيدا كان حاضرا قول النبي صلى الله عليه وآله يوم غدير لم يكن حضوره بحجة لكم أيضا، لان جميع العرب عالمون بأن مولى النبي مولى أهل بيته وبني عمه، مشهور ذلك في لغتهم وتعارفهم، فلم يكن لقول النبي صلى الله عليه وآله للناس اعرفوا ما قد عرفتموه وشهر بينكم (1)، لأنه لو جاز ذلك لجاز أن يقول قائل: ابن أخي أبي النبي ليس بابن عمه، فيقوم النبي صلى الله عليه وآله فيقول: فمن كان ابن أخي أبي فهو ابن عمي، وذلك فاسد لأنه عبث وما لا يفعله إلا اللاعب السفيه (2)، وذلك منفي عن النبي صلى الله عليه وآله.
فإن قال قائل: إن لنا أن نروي في كل خبر نقلته فوقبت (3) ما يدل على معنى " من كنت مولاه فعلي مولاه " قيل له: هذا غلط في النظر، لان عليك أن تروي من أخبارنا أيضا ما يدل على معنى الخبر مثل ما جعلته لنفسك في ذلك، فيكون خبرنا الذي نخص به (4) مقاوما لخبرك الذي تختص به، ويبقى " من كنت مولاه فعلي مولاه " من حيث أجمعنا على نقله حجة لنا عليكم، موجبا ما أوجبناه به من الولاية على النص، (5) وهذا كلام لا زيادة فيه.
فإن قال قائل: فهلا أفصح النبي صلى الله عليه وآله باستخلاف علي عليه السلام إن كان كما تقولون؟ وما الذي دعاه إلى أن يقول فيه قولا يحتاج فيه إلى تأويل وتقع فيه المجادلة؟ قيل له: لو لزم أن يكون الخبر باطلا أو لم يرد به النبي صلى الله عليه وآله