فأما إنكارهم لامامة محمد بن علي أخي الحسن فقد أصابوا في ذلك ونحن موافقوهم في صحة، وأما اعتلالهم بصوابهم في الرجوع عن إمامة الحسن عليه السلام وأنه ممن مضى ولا عقب له فهو اعتماد على التوهم، لان الحسن قد أعقب المنتظر، والأدلة على إمامته أكثر من أن تحصى، وليس إذا لم نشاهد الامام بطلت إمامته، ولا إذا لم يدرك وجوده حسا واضطرارا ولم يظهر للخاصة والعامة كان ذلك دليلا على عدمه.
وأما الفرقة الأخرى الراجعة عن إمامة الحسن عليه السلام إلى إمامة أخيه محمد فهي كالتي قبلها، والكلام عليها نحو ما سلف، مع أنهم أشد بهتا (1) ومكابرة، لأنهم أنكروا إمامة من كان حيا بعد أبيه، وظهرت عنه من العلوم ما يدل على فضله على الكل، وادعوا إمامة رجل مات في حياة أبيه ولم يظهر منه علم ولا من أبيه نص عليه، بعد أن كانوا يعترفون بموته! وهؤلاء سقاط جدا.
وأما الفرقة التي اعترفت بولد الحسن عليه السلام وأقرت بأنه المنتظر إلا أنها زعمت أنه علي وليس بمحمد فالخلاف بيننا وبين هؤلاء في الاسم دون المعنى، والكلام لهم خاصة، فيجب أن يطالبوا بالأثر في الاسم، فإنهم لا يجدونه، والاخبار منتشرة في أهل الإمامة وغيرهم أن اسم القائم عليه السلام اسم رسول الله صلى الله عليه وآله، ولم يكن في أسماء رسول الله علي، ولو ادعوا (2) أنه أحمد لكان أقرب إلى الحق، وهذا القدر كاف فيما يحتج به على هؤلاء.
وأما الفرقة التي زعمت أن القائم ابن الحسن عليه السلام وأنه ولد بعد أبيه بثمانية أشهر وأنكروا أن يكون ولد في حياة أبيه فإنه يحتج عليهم بوجوب الإمامة من جهة العقول، وكل شئ يلزم المعتزلة وأصناف الناصبة يلزم هذه الفرقة مما ذهبوا إليه (3) من جواز خلو العالم من وجود إمام حي كامل ثمانية أشهر، لأنه لا فرق بين الثمانية والثمانين (4)، على أنه يقال لهم: لم زعمتم ذلك؟ أبالعقل قلتموه أم بالسمع؟ فإن