قال ابن عمر: ثم تجاسر والله فجسر فما دارت الجمعة حتى قام خطيبا في الناس، فقال: يا أيها الناس! إن بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله شرها فمن دعاكم إلى مثلها فاقتلوه.
وروى الهيثم بن عدي - أيضا -، عن مجالد بن سعيد، قال: غدوت يوما إلى الشعبي - وإنما أريد أن أسأله عن شئ بلغني عن ابن مسعود أنه كان يقول -، فأتيته في مسجد حية - وفي المسجد قوم ينتظرونه - فخرج، فتقربت إليه (1)، وقلت: أصلحك الله! كان ابن مسعود يقول: ما كنت محدثا قوما حديثا لا يبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة؟. قال: نعم، قد كان ابن مسعود يقول ذلك.
وكان (2) ابن عباس يقوله أيضا، وكان عند ابن عباس دفائن علم يعطيها أهلها، ويصرفها عن غيرهم؟ فبينا نحن كذلك إذ أقبل رجل من الأزد فجلس إلينا فأخذنا في ذكر أبي بكر وعمر، فضحك الشعبي وقال: لقد كان في صدر عمر ضب على أبي بكر. فقال الأزدي، والله ما رأينا ولا سمعنا برجل قط كان أسلس قيادا لرجل ولا أقول (3) بالجميل فيه من عمر في أبي بكر، فأقبل علي الشعبي (4) فقال: هذا مما سألت عنه، ثم أقبل على الرجل فقال: يا أخا الأزد! كيف تصنع بالفلتة التي وقى الله شرها؟! أترى عدوا يقول في عدو يريد (5) أن يهدم ما بنى لنفسه في الناس أكثر من قول عمر في أبي بكر. فقال الرجل: سبحان الله! يا أبا عمرو! وأنت تقول ذلك؟!. فقال الشعبي: أنا أقوله، قاله عمر بن الخطاب على رؤوس الاشهاد، فلمه أو دع! فنهض الرجل مغضبا وهو يهمهم (6) بشئ لم أفهمه (7)، فقال مجالد: