والتقية - وأي ضرورة في أن ينصب إلى أئمتهم في زمان الخوف والتقية ما يصير سببا لتضررهم من المخالفين، ولتضاعف خوفهم، ووقوع الجرائم والقتل والنهب عليهم؟. ولم لم يمنعهم أئمتهم من تدوين أمثال ذلك في كتبهم في مدة مديدة تزيد على ثلاثمائة سنة، وأكثر تلك الكتب قد دونت في زمانهم؟ ولم يتبروا منهم كما تبروا من الغلاة كأبي الخطاب وأضرابه؟ وهل هذا مثل أن يقال لم ير أحد من أصحاب الأئمة الذين دونوا أسماءهم في رجال الشيعة أحدا من الأئمة عليهم السلام ولم يسمعوا منه شيئا بل كانوا يفترون عليهم؟ أو يقال لم يكن جماعة موسومون بتلك الأسامي، بل وضعت الشيعة تلك الأسامي من غير أصل؟ وتقول اليهود والنصارى لم يبعث رجل مسمى بمحمد بأمثال تلك الخرافات؟.
وبالجملة، لا ريب في أن مذاهب الناس وعقائدهم إنما يؤخذ من خواصهم وأحبائهم دون المنحرفين عنهم والمنخرطين في سلك أعدائهم، وهذا من أجلى الواضحات.
ولعمري كيف لا يكذبون أصحاب أبي حنيفة والشافعي ومالك وأضرابهم فيما ينسبون إليهم، ويكذبون أصحاب أئمتنا عليهم السلام في ذلك؟!.
وأعجب من ذلك أنهم يعتمدون على أصولهم المشحونة بالأباطيل والأكاذيب المروية عن جماعة من المنافقين ظهر على الناس فسقهم وكذبهم، ولا يلتفتون إلى ما يرويه أفاضل الشيعة في أصولهم مع كونهم معروفين بين الفريقين بالورع والزهد والصدق والديانة؟ وهل هذا إلا لمحض العصبية والعناد؟!.
فقد روى مسلم في صحيحه (1)، بإسناده عن عمرو بن العاص، قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله - جهارا غير سر - يقول: ألا إن آل أبي طالب ليسوا لي أولياء ، وإنما وليي الله وصالح المؤمنين (2).