بيان:
قوله عليه السلام: علا فاستعلى.. الاستعلاء هنا مبالغة في العلو، أي علا عن رتبة المخلوقين فاستعلى عن التشبه بصفاتهم، أو كان عاليا بالذات والصفات فأظهر وبين علوه بالايجاد، أو طلب علوه من العباد بأن يخضعوا عنده ويعبدوه، وعلى الأخيرين يكون الاستفعال للطلب بتقدير أو تجوز.
قوله عليه السلام: ودنا فتعالى.. أي دنا من كل شئ فتعالى أن يكون في مكان، إذ لا يمكن أن يكون للمكاني الدنو (1) من كل شئ، أو دنوه دنو علم وقدرة وإيجاد وتربية، وهو عين علوه وشرافته ورفعته، فليس دنوه دنوا منافيا للعلو، بل مؤيد له، ويحتمل في الفقرتين أن يكون الفاء بمعنى الواو.. أي علا وكثر علاؤه، ودنا وتعالى أن يكون دنوه كدنو المخلوقين.
قوله عليه السلام: وارتفع فوق كل منظر.. المنظر: النظر (2) والموضع المرتفع (3) وكل ما نظرت إليه فسرك أو ساءك (4)، فالمراد (5) أنه - تعالى - ارتفع عن كل محل يمكن أن ينظر إليه، أي ليس بمرثي ولا مكاني، أو ارتفع عن كل نظر فلا يمكن لبصر الخلق النظر إليه، أو ارتفع عن محال (6) النظر والفكر فلا يحصل في وهم ولا خيال ولا عقل، ويحتمل معنى دقيقا بأن يكون المراد بالارتفاع فوقه:
الكون عليه والتمكن فيه مجازا.. أي ظهر لك في كل ما نظرت إليه بقدرته وصنعه وحكمته.