كهيئة المهموم، فقلت: ما لك يا أمير المؤمنين الليلة؟.
فقال: ويحك يا بن عباس! وكيف تنام عينا (1) قلب مشغول، يا بن عباس!
ملك جوارحك قلبك فإذا أرهبه (2) أمر طار النوم عنه، ها أنذا (3) كما ترى مذ أول (4) الليل اعتراني الفكر و (5) السهر لما تقدم من نقض عهد أول هذه الأمة المقدر عليها نقض عهدها، إن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر من أمر من (6) أصحابه بالسلام علي في حياته بإمرة المؤمنين فكنت أوكد أن أكون كذلك بعد وفاته.
يا بن عباس! أنا أولى الناس بالناس بعده ولكن أمور اجتمعت على (7) رغبة الناس في الدنيا وأمرها ونهيها وصرف قلوب أهلها عني، وأصل ذلك ما قال الله تعالى في كتابه (8): [أم يحسدون الناس على ما آتهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتينا هم ملكا عظيما] (9)، فلو لم يكن ثواب ولا عقاب لكان بتبليغ (10) الرسول صلى الله عليه وآله فرض على الناس اتباعه، والله عز وجل يقول: [ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا] (11)، أتراهم نهوا عني فأطاعوه (12)! والذي فلق الحبة وبرأ النسمة وغدا (13) بروح أبي القاسم صلى الله