سبحانه غني عن شكركم وطاعتكم، مستحق للحمد في ذاته، أو محمود تحمده الملائكة بل جميع الموجودات بلسان الحال، وضرر الكفران عائد إليكم حيث حرمتم من فضله تعالى ومزيد إنعامه وإكرامه.
والحاصل، انكم إنما تركتم الامام بالحق وخلعتم بيعته من رقابكم ورضيتم ببيعة أبي بكر لعلمكم بأن أمير المؤمنين عليه السلام لا يتهاون ولا يداهن في دين الله، ولا تأخذه في الله لومة لائم، ويأمركم بارتكاب الشدائد في الجهاد وغيره، وترك ما تشتهون من زخارف الدنيا، ويقسم الفئ بينكم بالسوية، ولا يفضل الرؤساء والامراء، وإن أبا بكر رجل سلس القياد، مداهن في الدين لارضاء العباد، فلذا رفضتم الايمان، وخرجتم عن طاعته سبحانه إلى طاعة الشيطان، ولا يعود وباله إلا إليكم.
وفي الكشف: ألا وقد أرى والله أن قد أخلدتم إلى الخفض، وركنتم إلى الدعة، فمججتم الذي أوعيتم، ولفظتم الذي سوغتم.
وفي رواية ابن أبي طاهر: فعجتم عن الدين.. يقال: ركن إليه - بفتح الكاف وقد يكسر - أي مال إليه وسكن (1). وقال الجوهري: عجت بالمكان أعوج.. أي أقمت به وعجت غيري.. يتعدى ولا يتعدى، وعجت البعير..
عطفت رأسه بالزمام.. والعائج: الواقف.. وذكر ابن الاعرابي: فلان ما يعوج من (2) شئ: أي ما يرجع عنه (3).
ألا وقد قلت ما قلت على معرفة مني بالخذلة التي خامرتكم، والغدرة التي استشعرتها قلوبكم، ولكنها فيضة النفس، ونفثة الغيظ، وخور القنا، وبئة الصدر، وتقدمة الحجة.. الخذلة: ترك النصر (4).