عليه السلام، فما لبث أن رجع، فقالت فاطمة عليها السلام: يا أبة! أين ذهبت؟
فقال: خط جبرئيل عليه السلام لي فدكا بجناحه وحد لي حدودها، فقالت: يا أبة! إني أخاف العيلة والحاجة من بعدك، فصدق بها علي، فقال: هي صدقة عليك، فقبضتها، قالت: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أم أيمن!
اشهدي، ويا علي! اشهد.
فقال عمر: أنت امرأة ولا نجيز شهادة امرأة وحدها، وأما علي فيجر إلى نفسه.
قال: فقامت مغضبة وقالت: اللهم إنهما ظلما ابنة نبيك (1) حقها، فاشدد وطأتك عليهما، ثم خرجت وحملها علي على أتان عليه كساء له خمل، فدار بها أربعين صباحا في بيوت المهاجرين والأنصار والحسن والحسين عليهما السلام معها، وهي تقول: يا معشر المهاجرين والأنصار! انصروا الله وابنة (2) نبيكم، وقد بايعتم رسول الله صلى الله عليه وآله يوم بايعتموه أن تمنعوه وذريته مما تمنعون منه أنفسكم وذراريكم، ففوا لرسول الله صلى الله عليه وآله ببيعتكم، قال: فما أعانها أحد ولا أجابها ولا نصرها.
قال: فانتهت إلى معاذ بن جبل فقالت: يا معاذ بن جبل! إني قد جئتك مستنصرة، وقد بايعت رسول الله صلى الله عليه وآله على أن تنصره وذريته وتمنع مما تمنع منه نفسك وذريتك، وإن أبا بكر قد غصبني على فدك وأخرج وكيلي منها، قال: فمعي غيري؟ قالت: لا، ما أجابني أحد، قال: فأين أبلغ أنا من نصرك؟ (3) قال: فخرجت من عنده. ودخل ابنه، فقال: ما جاء بابنة محمد إليك؟ قال: جاءت تطلب نصرتي على أبي بكر فإنه أخذ منها فدكا، قال: فما أجبتها به؟ قال: قلت: وما يبلغ من نصرتي أنا وحدي، قال: فأبيت أن تنصرها؟