جهة (1) هذا الخؤون الظلوم المفتن ابن صهاك، فإنه لا يزال يؤلب على القبائل ويفزعهم مني ويؤيسهم (2) من عطاياهم، ويذكرهم ما أنساهم الدهر، وسيعلم غب أمره إذا فاضت نفسه.
فقال خالد: يا أبا الحسن! بحق أخيك لما قطعت (3) هذا من نفسك، وصرت إلى منزلك مكرما، إذا كان القوم رضوا بالكفاف منك.
فقال له أمير المؤمنين (4): لا جزاهم الله عن أنفسهم ولا عن المسلمين خيرا.
قال: ثم دعا عليه السلام بدابته فاتبعه أصحابه، وخالد يحدثه ويضاحكه، حتى دخل المدينة، فبادر خالد إلى أبي بكر فحدثه بما كان منه.
فصار أمير المؤمنين عليه السلام إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله، ثم صار إلى الروضة فصلى أربع ركعات ودعا، وقام يريد الانصراف إلى منزله، وكان أبو بكر جالسا في المسجد والعباس جالس إلى جنبه.
فأقبل أبو بكر على العباس فقال: يا أبا الفضل! ادع لي ابن أخيك عليا لأعاتبه على ما كان منه إلى الأشجع.
فقال له العباس (5): أو ليس قد تقدم إليك صاحبك (6) بترك معاتبته؟ وإني أخاف عليك منه إذا عاتبته أن لا تنتصر منه.
فقال أبو بكر: إني أراك - يا أبا الفضل - تخوفني منه، دعني وإياه، فأما ما كلمني خالد بترك معاتبته فقد رأيته يكلمني بكلام خلاف الذي خرج به إليه، ولا أشك (7) إلا أنه قد كان منه إليه شئ أفزعه.