عليهم من الذنوب الصغيرة والكبيرة عمدا وخطا ونسيانا قبل النبوة والإمامة و بعدهما بل من وقت ولادتهم إلى أن يلقوا الله تعالى، ولم يخالف في ذلك إلا الصدوق محمد بن بابويه وشيخه ابن الوليد قدس الله روحهما فإنهما جوز الاسهاء من الله تعالى لا السهو الذي يكون من الشيطان في غير ما يتعلق بالتبليغ وبيان الاحكام وقالوا: إن خروجهما لا يخل بالاجماع لكونهما معروفي النسب.
وأما السهو في غير ما يتعلق بالواجبات والمحرمات كالمباحات والمكروهات فظاهر أكثر أصحابنا أيضا تحقق الاجماع على عدم صدوره عنهم، واستدلوا أيضا بكونه سببا لنفور الخلق منهم وعدم الاعتداد بأفعالهم وأقوالهم وهو ينافي اللطف، وبالآيات والأخبار الدالة على أنهم عليهم السلام لا يقولون ولا يفعلون شيئا إلا بوحي من الله تعالى ويدل أيضا عليه عموم ما دل على وجوب التأسي بهم في جميع أقوالهم وأفعالهم ولزوم متابعتهم.
ويدل عليه الأخبار الدالة عليه أنهم مؤيدون بروح القدس وأنه لا يلهو ولا يسهو ولا يلعب، وقد مر في صفات الامام عن الرضا عليه السلام " فهو معصوم مؤيد موفق مسدد قد أمن من الخطأ والزلل والعثار ".
وسيأتي في تفسير النعماني في كتاب القرآن باسناده عن إسماعيل بن جابر عن الصادق عليه السلام عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه أنه قال في بيان صفات الامام: فمنها أن يعلم الامام المتولي عليه أنه معصوم من الذنوب كلها صغيرها وكبيرها لا يزل في الفتيا ولا يخطئ في الجواب ولا يسهو ولا ينسى ولا يلهو بشئ من أمر الدنيا.
وساق الحديث إلى أن قال عليه السلام: عدلوا عن أخذ الاحكام عن أهلها ممن فرض الله طاعتهم ممن لا يزل ولا يخطئ ولا ينسى.
وغيرها من الأخبار الدالة بفحاويها على تنزههم عنه، وبالجملة المسألة في غاية الاشكال لدلالة كثير من الاخبار والآيات على صدور السهو عنهم عليهم السلام، وإطباق الأصحاب إلا من شذ منهم على عدم الجواز مع شهادة بعض الآيات والاخبار و الدلائل الكلامية عليه، وقد بسطنا القول في ذلك في المجلد السادس فإذا أردت الاطلاع عليه فارجع إليه.