فوض الله عز وجل إلى نبيه صلى الله عليه وآله أمر دينه ولم يفوض إليه تعدي حدوده. وأيضا هو رحمه الله قد روى كثيرا من أخبار التفويض في كتبه ولم يتعرض لتأويلها.
الثالث: تفويض أمور الخلق إليهم من سياستهم وتأديبهم وتكميلهم وتعليمهم وأمر الخلق بإطاعتهم فيما أحبوا وكرهوا وفيما علموا جهة المصلحة فيه وما يعلموا وهذا حق لقوله تعالى: " ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " (1) وغير ذلك من الآيات والاخبار، وعليه يحمل قولهم عليهم السلام: " نحن المحللون حلاله والمحرمون حرامه " أي بيانهما علينا ويجب على الناس الرجوع فيهما إلينا، وبهذا الوجه ورد خبر أبي إسحاق والميثمي.
الرابع: تفويض بيان العلوم والاحكام بما رأوا (2) المصلحة فيها بسبب اختلاف عقولهم، أو بسبب التقية فيفتون بعض الناس بالواقع من الاحكام، وبعضهم بالتقية ويبينون تفسير الآيات وتأويلها، وبيان المعارف بحسب ما يحتمل عقل كل سائل، ولهم أن يبينوا ولهم أن يسكتوا كما ورد في أخبار كثيرة: " عليكم المسألة وليس علينا الجواب " كل ذلك بحسب ما يريهم الله من مصالح الوقت كما ورد في خبر ابن أشيم وغيره.
وهو أحد معاني خبر محمد بن سنان في تأويل قوله تعالى: " لتحكم بين الناس بما أراك الله " (3) ولعل تخصيصه بالنبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام لعدم تيسر هذه التوسعة لسائر الأنبياء والأوصياء عليهم السلام، بل كانوا مكلفين بعدم التقية في بعض الموارد وإن أصابهم الضرر، والتفويض بهذا المعنى أيضا ثابت حق بالأخبار المستفيضة.
الخامس: الاختيار في أن يحكموا بظاهر الشريعة أو بعلمهم وبما يلهمهم الله من الواقع ومخ الحق في كل واقعة، وهذا أظهر محامل خبر ابن سنان وعليه أيضا دلت الاخبار.