فقال الرجل: يا بن رسول الله إنهم يزعمون أن عليا لما أظهر من نفسه المعجزات التي لا يقدر عليها غير الله دل (1) على أنه إله، ولما ظهر لهم بصفات المحدثين العاجزين لبس ذلك عليهم وامتحنهم (2) ليعرفوه وليكون إيمانهم به اختيارا من أنفسهم.
فقال الرضا عليه السلام: أول ما ههنا أنهم لا ينفصلون ممن قلب هذا عليهم فقال: لما ظهر منه الفقر والفاقة دل على أن من هذه صفاته وشاركه فيها الضعفاء المحتاجون لا تكون المعجزات فعله فعلم بهذا أن الذي ظهر منه من المعجزات إنما كانت فعل القادر الذي لا يشبه المخلوقين، لا فعل المحدث المحتاج المشارك للضعفاء في صفات الضعف.
ثم قال الرضا (3) عليه السلام: إن هؤلاء الضلال الكفرة ما اتوا إلا من قبل جهلهم بمقدار أنفسهم حتى اشتد إعجابهم وكثر تعظيمهم لما يكون منها فاستبدوا بآرائهم الفاسدة واقتصروا على عقولهم المسلوك بها غير سبيل الواجب حتى استصغروا قدر الله واحتقروا أمره وتهاونوا بعظيم شأنه، إذ لم يعلموا أنه القادر بنفسه الغني بذاته التي (4) ليست قدرته مستعارة ولا غناه مستفادا، والذي من شاء أفقره، ومن شاء أغناه، ومن شاء أعجزه بعد القدرة، وأفقره بعد الغنى.
فنظروا إلى عبد قد اختصه الله بقدرته (5) ليبين بها فضله عنده، وآثره بكرامته ليوجب بها حجته على خلقه، وليجعل ما آتاه من ذلك ثوابا على طاعته، وباعثا على