وحدثني سعيد بن المسيب المخزومي (1) ببعضه عنها قالت: فجئت إلى علي بن الحسين عليهما السلام وهو في منزله قائما يصلي، وكان يطول فيها ولا يتحوز فيها، وكان يصلي ألف ركعة في اليوم والليلة فجلست مليا فلم ينصرف من صلاته فأردت القيام فلما هممت به حانت (2) مني التفاتة إلى خاتم في إصبعه عليه فص حبشي، فإذا هو مكتوب: مكانك يا أم سليم آتيك (3) بما جئت له.
قالت: فأسرع في صلاته فلما سلم قال لي: يا أم سليم إيتيني بحصاة، من غير أن أسأله عما جئت له، فدفعت إليه حصاة من الأرض فأخذها فجعلها بين كفيه فجعلها كهيئة الدقيق، ثم عجنها فجعلها ياقوتة حمراء، ثم ختمها فثبت فيها النقش فنظرت والله إلى القوم بأعيانهم كما كنت رأيتهم يوم الحسين، فقلت له: فمن وصيك جعلني الله فداك قال: الذي يفعل مثل ما فعلت ولا تدركين من بعدي مثلي.
قالت أم سليم: فأنسيت أن أسأله أن يفعل مثل ما كان قبله من رسول الله وعلي والحسن والحسين صلوات الله عليهم، فلما خرجت من البيت ومشيت شوطا ناداني:
يا أم سليم، قلت: لبيك، قال: ارجعي، فرجعت فإذا هو واقف في صرحة (4) داره وسطا، ثم مشى فدخل البيت وهو يتبسم ثم قال: اجلسي يا أم سليم، فجلست فمد يده اليمنى فانخرقت الدور والحيطان وسكك المدينة وغابت يده عني، ثم قال: خذي يا أم سليم.
فناولني والله كيسا فيه دنانير وقرط (5) من ذهب وفصوص كانت لي من جزع