خلقهم بقدرته، وجعل لهم أسماعا وأبصارا وقلوبا وألبابا، ثم بعث إليهم النبيين مبشرين ومنذرين يأمرونهم بطاعته وينهونهم عن معصيته، ويعرفونهم ما جهلوه من أمر خالقهم ودينهم، وأنزل عليهم كتابا وبعث إليهم ملائكة وباين بينهم وبين من بعثهم إليهم بالفضل الذي لهم عليهم، وما آتاهم من الدلائل الظاهرة والبراهين الباهرة والآيات الغالبة.
فمنهم من جعل عليه النار بردا وسلاما واتخذه خليلا، ومنهم من كلمه تكليما وجعل عصاه ثعبانا مبينا، ومنهم من أحيى الموتى بإذن الله وأبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله، ومنهم من علمه منطق الطير وأوتي من كل شئ، ثم بعث محمدا صلى الله عليه وآله رحمة للعالمين وتم به نعمته وختم به أنبياءه وأرسله إلى الناس كافة، وأظهر من صدقه ما ظهر، وبين من آياته وعلاماته ما بين.
ثم قبضه صلى الله عليه وآله حميدا فقيدا سعيدا، وجعل الامر من بعده إلى أخيه وابن عمه ووصيه ووارثه علي بن أبي طالب عليه السلام، ثم إلى الأوصياء من ولده واحد بعد واحد، أحيى بهم دينه وأتم بهم نوره وجعل بينهم وبين إخوتهم وبني عمهم والأدنين فالأدنين من ذوي أرحامهم فرقا بينا تعرف به الحجة من المحجوج، والامام من المأموم بأن عصمهم من الذنوب، وبرأهم من العيوب، وطهرهم من الدنس ونزههم من اللبس وجعلهم خزان علمه ومستودع حكمته وموضع سره، وأيدهم بالدلائل ولولا ذلك لكان الناس على سواء، ولا دعى أمر الله عز وجل كل واحد (1) ولما عرف الحق من الباطل ولا العلم من الجهل، وقد ادعى هذا المبطل المدعي على الله الكذب بما ادعاه.
فلا أدري بأية حالة هي له رجاء أن يتم دعواه؟ أبفقه في دين الله؟ فوالله ما يعرف حلالا من حرام ولا يفرق بين خطأ وصواب، أم بعلم؟ فما يعلم حقا من باطل ولا محكما من متشابه ولا يعرف حد الصلاة ووقتها، أم بورع فالله شهد (2) على تركه