البكاء والدمعة إذا خرجت أذهبت (1) الحزن والحرقة والعداوة لمحمد، ويشمت بنا محمد وأصحابه، فلما غزوا رسول الله صلى الله عليه وآله يوم أحد أذنوا لنسائهم بعد ذلك في البكاء والنوح، فلما أرادوا أن يغزوا رسول الله إلى أحد ساروا في حلفائهم من كنانة وغيرها فجمعوا الجموع والسلاح، وخرجوا من مكة في ثلاثة آلاف فارس، وألفي راجل، وأخرجوا معهم النساء يذكرنهم ويحثثنهم على حرب رسول الله صلى الله عليه وآله (2)، وأخرج أبو سفيان هند بنت عتبة، وخرجت معهم عمرة بنت علقمة الحارثية (3)، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك جمع أصحابه وأخبره أن قريشا قد تجمعت تريد المدينة، وحث أصحابه على الجهاد والخروج، فقال عبد الله بن أبي وقوم: يا رسول الله لا تخرج من المدينة حتى نقاتل في أزقتها، فيقاتل الرجل الضعيف والمرأة و العبد والأمة على أفواه السكك وعلى السطوح، فما أرادنا قوم قط فظفروا بنا و نحن في حصوننا ودورنا، وما خرجنا إلى أعدائنا قط إلا كان الظفر لهم علينا، فقام سعد بن معاذ وغيره من الأوس فقالوا: يا رسول الله ما طمع فينا أحد من العرب ونحن مشركون نعبد الأصنام، فكيف يطمعون فينا وأنت فينا، لا حتى نخرج إليهم (4) فنقاتلهم، فمن قتل منا كان شهيدا، ومن نجا منا كان قد جاهد في سبيل الله، فقبل رسول الله قوله، وخرج مع نفر من أصحابه يبتغون موضعا للقتال (5) كما قال الله: " وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين " إلى قوله: " إذ همت طائفتان
(٤٨)