بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ٥٣
هو علي بن أبي طالب فقلت له يا عمر هو علي بن أبي طالب، فقال: ادن مني أحدثك عن شجاعته وبطالته (1)، بايعنا النبي صلى الله عليه وآله يوم أحد على أن لا نفر، ومن فر منا فهو ضال، ومن قتل منا فهو شهيد، والنبي صلى الله عليه وآله زعيمه، إذ حمل علينا مائة صنديد تحت كل صنديد مائة رجل أو يزيدون، فأزعجونا عن طاحونتنا (2)، فرأيت عليا كالليث يتقي الذر (3) إذ قد حمل كفا (4) من حصى فرمى به في وجوهنا، ثم قال: " شاهت الوجوه، وقطت وبطت ولطت، إلى أين تفرون؟ إلى النار؟ " فلم نرجع، ثم كر علينا الثانية وبيده صفيحة يقطر منها الموت فقال: بايعتم ثم نكثتم، فوالله لأنتم أولى بالقتل ممن أقتل، فنظرت إلى عينيه كأنهما سليطان يتوقدان نارا، أو كالقدحين المملوين دما، فما ظننت إلا ويأتي علينا كلنا فبادرت أنا إليه من بين أصحابي فقلت:
يا أبا الحسن الله الله، فإن العرب تفر وتكر، وإن الكرة تنفي الفرة، فكأنه استجيى، فولى بوجهه (5) عني، فما زلت أسكن روعة فؤادي، فوالله ما خرج ذلك الرعب من قلبي حتى الساعة، ولم يبق مع رسول الله إلا أبو دجانة سماك بن خرشة وأمير المؤمنين عليه السلام، وكلما حملت طائفة على رسول الله صلى الله عليه وآله استقبلهم أمير المؤمنين صلوات الله عليه فيدفعهم عن رسول الله، ويقتلهم حتى انقطع سيفه، وبقيت مع رسول الله صلى الله عليه وآله نسيبة بنت كعب المازنية وكانت تخرج مع رسول الله عليه السلام في غزواته تداوي الجرحى، وكان ابنها معها، فأراد أن ينهزم ويتراجع فحملت عليه فقالت: يا بني إلى أين تفر؟ عن الله وعن رسوله؟ فردته فحمل عليه رجل فقتله، فأخذت سيف ابنها، فحملت على الرجل فضربته (6) على فخذه فقتلته، فقال

(1) من شجاعته وبطلته خ ل.
(2) في المصدر: طاحوننا. ولعله مصحف طحوننا.
(3) الدرق خ ل.
(4) في المصدر المطبوع: وإذا قد حمل كفا.
(5) وجهه خ ل. أقول: يوجد ذلك في المصدر المطبوع.
(6) وضربت خ ل.
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»
الفهرست