بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ٣٧
عند أنفسكم " أي ما أصابكم من الهزيمة والقتل من عند أنفسكم بخلافكم أمر ربكم وترككم طاعة الرسول صلى الله عليه وآله، وفيه أقوال: أحدها: أن ذلك مخالفتهم الرسول صلى الله عليه وآله في الخروج من المدينة للقتال يوم أحد، وكان النبي صلى الله عليه وآله دعاهم أن يتحصنوا بها ويدعو المشركين إلى أن يقصدوهم فيها، فقالوا: كنا نمتنع من ذلك في الجاهلية ونحن الآن في الاسلام، وأنت يا رسول الله بيننا أحق بالامتناع وأعز.
وثانيها: أن ذلك باختيارهم الفداء من الاسرى يوم بدر، وكان الحكم فيهم القتل، وشرط عليهم إن قبلتم الفداء قتل منكم في القابل بعدتهم، قالوا: رضينا، فإنا نأخذ الفداء فننتفع به، وإذا قتل منا فيما بعد كنا شهداء، عن علي عليه السلام و عبيدة السلماني، وهو المروي عن الباقر عليه السلام.
وثالثها: أن ذلك بخلاف الرماة يوم أحد لما أمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله به من ملازمة مراكزهم.
" إن الله على كل شئ قدير " أي فهو قادر على نصركم فيما بعد، وإن لم ينصركم في الحال لمخالفتكم " وما أصابكم " أيها المؤمنون " يوم التقى الجمعان " جمع المسلمين وجمع المشركين يوم أحد بقتل من قتل منكم (1) " فبإذن الله " أي بعلم الله، وقيل: بتخلية الله بينكم وبينهم التي تقوم مقام الاطلاق في الفعل برفع الموانع والتمكين من الفعل الذي يصح معه التكليف، وقيل: بعقوبة الله لتركهم أمر رسول الله صلى الله عليه وآله " وليعلم المؤمنون * وليعلم الذين نافقوا " أي وليميز المؤمنين من المنافقين " وقيل لهم " أي للمنافقين " تعالوا قاتلوا في سبيل الله " قالوا: أن عبد الله بن أبي والمنافقين معه من أصحابه انخذلوا يوم أحد بنحو (2) من ثلاثمائة رجل، وقالوا: علام نقتل أنفسنا؟ وقال لهم عبد الله بن عمرو بن حرام (3) الأنصاري:
تعالوا قاتلوا قي سبيل الله واتقوا الله ولا تخذلوا نبيكم " أو ادفعوا " عن حريمكم

(1) في المصدر: يعنى يوم أحد من النكبة بقتل من قتل منكم.
(2) في المصدر: انخزلوا يوم أحد نحوا.
(3) في نسخة: حزام وهو وهم، والصواب ما اخترناه في المتن، والرجل هو والد جابر.
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»
الفهرست