وقد انصرف أبو سفيان من مجنة إلى مكة فسماهم أهل مكة جيش السويق، وقالوا:
إنما خرجتم تشربون السويق، ولم يلق رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه أحد من المشركين ببدر، ووافقوا السوق، وكانت لهم تجارات فباعوها، وأصابوا الدرهم (1) درهمين، وانصرفوا إلى المدينة سالمين غانمين. وقد روى ذلك أبو الجارود عن الباقر عليه السلام المعنى (2).
" الذين استجابوا لله والرسول " أي أطاعوا الله في أوامره وأطاعوا رسوله " من بعد ما أصابهم القرح " أي نالهم الجراح يوم أحد " للذين أحسنوا منهم " بطاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وإجابته إلى الغزو " واتقوا " معاصي الله " لهم أجر عظيم " أي ثواب جزيل " الذين قال لهم الناس " في المعني بالناس الأول ثلاثة أقوال: أحدها: أنهم الركب الذين دسهم أبو سفيان إلى المسلمين ليجبنوهم عند منصرفهم من أحد، لما أرادوا الرجوع إليهم، عن ابن عباس وابن إسحاق، وقد مضت قصتهم.
والثاني: أنه نعيم بن مسعود الأشجعي، وهو قول أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام.
والثالث: أنهم المنافقون عن السدي.
" إن الناس قد جمعوا لكم " المعني به أبو سفيان وأصحابه عند أكثر المفسرين أي جمعوا جموعا كثيرة لكم، وقيل: جمعوا الآلات والرحال، وإنما عبر بلفظ الواحد عن الجمع في قوله: " قال لهم الناس " لامرين:
أحدهما أنه قد جاء هم من جهة الناس، فأقيم كلامه مقام كلامهم، وسمي باسمهم.
والآخر أنه لتفخيم الشأن " فاخشوهم " أي فخافوهم، ثم بين سبحانه أن ذلك القول زادهم إيمانا وثباتا على دينهم، وإقامة على نصر نبيهم، بأن قال: