أول ما يأتيكم (1) إلا رسول محمد يأمركم عنه بالجلاء فأطيعوني في خصلتين لا خير في الثالثة: أن تسلموا فتأمنوا على دياركم وأموالكم، وإلا فإنه يأتيكم من يقول لكم: أخرجوا من دياركم، فقالوا: هذه أحب إلينا، قال: أما إن الأولى خير لكم منها، ولولا أني أفضحكم لأسلمت، ثم بعث محمد بن مسلمة إليهم يأمرهم بالرحيل والجلاء عن ديارهم وأموالهم، وأمره أن يؤجلهم في الجلاء ثلاث ليال (2).
2 - أقول: قال الكازروني وغيره في شرح تلك القصة: كانت غزوة بني النضير في ربيع الأول (3) وكانت منازلهم بناحية الفرع وما والاها بقرية يقال لها:
زهرة، وإنهم لما نقضوا العهد، وعاقدوا المشركين على حرب النبي صلى الله عليه وآله خرج صلى الله عليه وآله يوم السبت وصلى في مسجد قبا ومعه نفر من أصحابه (4)، ثم أتي بني النضير فكلمهم أن يعينوه في دية رجلين كان قد آمنهما فقتلهما عمرو بن أمية وهو لا يعلم، فقالوا: نفعل هموا بالغدر به: فقال عمرو بن الحجاش (5): أنا أظهر على البيت فأطرح عليه صخرة، فقال سلام بن مشكم: لا تفعلوا فوالله ليخبرن بما هممتم (6)، فجاء جبرئيل فأخبره صلى الله عليه وآله، فخرج راجعا إلى المدينة، ثم دعا عليا وقال: لا تبرح من مكانك، فمن خرج عليك من أصحابي فسألك عني فقل: توجه إلى المدينة، ففعل ذلك، ثم لحقوا به، فبعث النبي صلى الله عليه وآله محمد بن مسلمة إليهم وأمرهم بالجلاء