بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ١٦٢
قوله: " ليولن الادبار " أي ينهزمون أو يسلمونهم " ثم لا ينصرون " أي لو كان لهم هذه القوة وفعلوا لم ينتفع أولئك بنصرتهم نزلت الآية قبل إخراج بني النضير، وأخرجوا بعد ذلك وقوتلوا فلم يخرج معهم منافق ولم ينصروهم كما أخبر الله تعالى بذلك، وقيل: أراد بقوله لإخوانهم بني النضير وبني قريظة. فأخرج بنو النضير ولم يخرجوا معهم، وقوتل بنو قريظة فلم ينصروهم " لأنتم أشد رهبة " أي خوفا " في صدورهم " أي في قلوب هؤلاء المنافقين " من الله " المعنى أن خوفهم منكم أشد من خوفهم من الله " ذلك بأنهم قوم لا يفقهون " الحق ولا يعلمون عظمة الله وشدة عقابه لا يقاتلونكم جميعا " معاشر المؤمنين " إلا في قرى محصنة " أي ممتنعة حصينة، أي لا يبرزون لحربكم وإنما يقاتلونكم متحصنين بالقرى " أو من وراء جدر " أي يرمونكم من وراء الجدران بالنبل والحجر " بأسهم بينهم شديد " أي عداوة بعضهم لبعض شديدة، أي ليسوا بمتفقي القلوب، أو قوتهم فيما بينهم شديدة، فإذا لاقوكم جبنوا وفزعوا (1) منكم بما قذف الله في قلوبهم من الرعب " تحسبهم جميعا " أي مجتمعين في الظاهر " وقلوبهم شتى " أي مختلفة متفرقة خذلهم الله باختلاف كلمتهم، وقيل:
إنه عنى بذلك قلوب المنافقين وأهل الكتاب " ذلك بأنهم قوم لا يعقلون " ما فيه الرشد مما فيه الغي (2) " كمثل الذين من قبلهم قريبا " أي مثلهم في اغترارهم بعددهم وقوتهم كمثل الذين من قبلهم يعني المشركين الذين قتلوا ببدر وذلك قبل غزاة بني النضير بستة أشهر عن الزهري وغيره، وقيل: يعني بني قينقاع عن ابن عباس، وذلك أنهم نقضوا العهد مرجع رسول الله صلى الله عليه وآله من بدر، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله أن يخرجوا، فقال عبد الله بن أبي: لا تخرجوا فإني آتي النبي صلى الله عليه وآله فأكلمه فيكم، أو أدخل معكم الحصن، فكان هؤلاء أيضا في إرسال عبد الله بن أبي إليهم

(1) تفرقوا خ ل أقول: في المصدر: وتفرغوا.
(2) في المصدر زيادة لم يذكره المصنف اختصارا وهي: وإنما كان قلوب من يعمل بخلاف العقل شتى لاختلاف دواعيهم وأهوائهم، وداعي الحق واحد، وهو العقل الذي يدعو إلى طاعة الله والاحسان في الفعل.
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»
الفهرست