يحمم (1) والتجنية (2) أن يقعد على جمل ويولى وجهه إلى ذنب الجمل، ويلطخ وجهه بالحمأة (3) ويدفع نصف الدية، وأيما رجل من بني قريظة قتل رجلا من النضير أن يدفع إليه الدية كاملة ويقتل به فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة ودخل الأوس والخزرج في الاسلام ضعف أمر اليهود فقتل رجل من بني قريظة رجلا من بني النضير فبعثوا إليهم بنو النضير ابعثوا إلينا بدية المقتول وبالقاتل حتى نقتله، فقالت قريظة، ليس هذا حكم التوراة وإنما هو شئ غلبتمونا عليه، فإما الدية، و إما القتل، وإلا فهذا محمد بيننا وبينكم، فهلموا نتحاكم إليه، فمشت بنو النضير إلى عبد الله بن أبي وقالوا سل محمدا أن لا ينقض شرطنا في هذا الحكم الذي بيننا وبين قريظة في القتل، فقال عبد الله بن أبي: ابعثوا (4) رجلا يسمع كلامي وكلامه، فإن حكم لكم بما تريدون وإلا فلا ترضوا به، فبعثوا معه رجلا فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله إن هؤلاء القوم قريظة والنضير قد كتبوا بينهم كتابا وعهدا وثيقا تراضوا به، والآن في قدومك يريدون نقضه وقد رضوا بحكمك فيهم فلا تنقض عليهم كتابهم وشرطهم، فإن بني النضير لهم القوة والسلاح والكراع، ونحن نخاف الدوائر (5) فاغتم رسول الله صلى الله عليه وآله من ذلك ولم يجبه بشئ فنزل عليه جبرئيل بهذه الآيات:
" يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا " يعني اليهود " سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه " يعني عبد الله بن أبي وبني النضير