بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٩٤
رسول الله صلى الله عليه وآله (1) حين أتاه، فانطلقا ورجل رسول الله صلى الله عليه وآله تسيل (2) دما حتى انتهى إلى الغار مع الصبح، فدخلاه، وأصبح الذين كانوا يرصدون رسول الله صلى الله عليه وآله فدخلوا الدار، وقام علي عليه السلام على فراشه (3)، فلما دنوا منه عرفوه فقالوا له:
أين صاحبك؟ قال: لا أدري، أو رقيبا كنت عليه؟ أمرتموه بالخروج فخرج فانتهروه وضربوه وأخرجوه إلى المسجد فحبسوه ساعة، ثم تركوه ونجا (4) رسول الله صلى الله عليه وآله.
أقول: وما كان حيث لقيه يتهيأ أن يتركه النبي صلى الله عليه وآله يبعد منه خوفا أن يلزمه أهل مكة فيخبرهم عنه وهو رجل جبان، فيؤخذ النبي صلى الله عليه وآله ويذهب الاسلام بكماله، لان أبا بكر أراد الهرب من مكة ومفارقة النبي صلى الله عليه وآله قبل هجرته على ما ذكره الطبري في حديث الهجرة، فقال ما هذا لفظه: وكان أبو بكر كثيرا ما يستأذن رسول الله صلى الله عليه وآله في الهجرة، فيقول له رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تعجل. (5) أقول: فإذا كان قد أراد المفارقة قبل طلب الكفار له فكيف يؤمن منه الهرب بعد الطلب؟ وكان أخذه معه حيث أدركه من الضرورات التي اقتضاها الاستظهار في حفظ النبي صلوات الله وسلامه عليه من كشف حاله لو تركه يرجع عنه في تلك الساعة، وقد جرت العادة أن الهرب مقام تخويف يرغب في الموافقة عليه قلب الجبان الضعيف، ولا روي فيما علمت أن أبا بكر كان معه سلاح يدفع به عدوا عن النبي صلى الله عليه وآله ولا حمل معه شيئا يحتاج إليه، وما أدري كيف اعتقد المخالفون

(١) زاد في التاريخ: فرفع صوته وتكلم فعرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام حتى أتاه.
(٢) في التاريخ: تستن دما أقول: أي تنصب. وفى المصدر: تثر، لعله من ثر السحابة أو العين: غزر ماؤها. وفي نسخة منه: تشر وهو مصحف.
(٣) في نسخة: وقام علي عليه السلام على فراشه. وفي نسخة من المصدر وفى التاريخ: وقام علي عليه السلام عن فراشه.
(٤) في التاريخ: ونجى الله رسوله من مكرهم وأنزل عليه في ذلك: " وإذ يمكر بك الذين كفروا " الآية انتهى ما في التاريخ.
(٥) راجع تاريخ الطبري ٢: ٩٧، ففيه زيادة، يظهر من ابن طاوس ان نسخته كانت خالية عنها.
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست