ومشاركا في (1) كل خير فعله النبي صلوات الله عليه، وبلغ حاله إليه، وقد اقتصرت في ذكر أسرار المهاجرة الشريفة النبوية على هذه المقامات الدينية، ولو أردت بالله جل جلاله أوردت مجلدا منفردا في هذه الحال، ولكن هذا كاف شاف للمنصفين وأهل الاقبال (2).
52 - الفائق للزمخشري: خرج من مكة مهاجرا إلى المدينة وأبو بكر و مولى أبي بكر عامر بن فهيرة ودليلهما (3) الليثي عبد الله بن أريقط، فمروا على خيمتي أم معبد، وكانت برزة جلدة تحتبي بفناء العقبة، ثم تسقي وتطعم، فسألوها لحما وتمرا يشترونه منها، فلم يصيبوا عندها شيئا من ذلك، وكان القوم مرملين مشتين - وروي مسنتين - فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى شاة في كسر الخيمة، فقال:
ما هذه الشاة يا أم معبد؟ قالت: شاة خلفها الجهد عن الغنم، فقال: هل بها من لبن، قالت: هي أجهد من ذلك، قال: أتأذنين أن أحلبها؟ قالت: بأبي أنت وأمي إن رأيت بها حلبا فاحلبها.
وروي أنه نزل هو وأبو بكر بأم معبد وذفان مخرجه إلى المدينة، فأرسلت إليهم شاة فرأى فيها بصرة من لبن، فنظر إلى ضرعها فقال: إن بهذه لبنا، ولكن ابغيني شاة ليس فيها لبن، فبعثت إليه بعناق (4) جذعة فدعا بها رسول الله صلى الله عليه وآله فمسح بيده ضرعها وسمى الله ودعا لها في شاتها (5) فتفاجت عليه ودرت واجترت (6).