بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٩٣
هو بمكة من غير مخاطرة، بآيات وعنايات باهرة، كما أنه كان قادرا أن ينصر عيسى ابن مريم عليه السلام على اليهود بالآيات والعساكر والجنود، فلم تقتض الحكمة الإلهية إلا رفعه إلى السماوات العلية، ولم يكن له مصلحة في مقامه في الدنيا بالكلية فليكن العبد راضيا بما يراه (1) مولاه له من التدبير في القليل والكثير، ولا يكن الله جل جلاله دون وكيل الانسان في أموره الذي يرضى بتدبيره، ولا دون جاريته أو زوجته في داره التي يثق إليها في تدبير أموره.
ومنها: التنبيه على أن الذي صحبه إلى الغار ما تضمنه (2) وصف صحبته في الاخبار ما كان يصلح في تلك الحادثات إلا للهرب، ولا في أوقات الذل والخوف من الاخطار إلا للتي يصلح لها مثل النساء الضعيفات والغلمان الذين يصيحون في الطرقات عند الهرب من المخافات وما كان يصلح للمقام بعده ليدفع عنه خطر الأعداء، ولا أن يكون معه بسلاح ولا قوة لمنع شئ من البلاء ومنها: أن الطبري في تاريخه وأحمد بن حنبل رويا في كتابيهما أن هذا الرجل المشار إليه ما كان عارفا بتوجه النبي صلى الله عليه وآله وأنه جاء إلى مولانا علي عليه السلام فسأله عنه فأخبره أنه توجه، فتبعه بعد توجهه حتى ظفر به، وتأذى رسول الله صلى الله عليه وآله بالخوف منه لما تبعه، وعثر بحجر فلق قدمه، فقال الطبري في تاريخه (3) ما هذا لفظه: فخرج أبو بكر مسرعا ولحق نبي الله صلى الله عليه وآله في الطريق، فسمع جرس (4) أبي بكر في ظلمة الليل فحسبه من المشركين، فأسرع رسول الله صلى الله عليه وآله يمشي فقطع (5) قبال نعله ففلق إبهامه حجر وكثر دمها فأسرع المشي، فخاف أبو بكر أن يشق على

(١) في نسخة: بما يريد.
(٢) في هامش المصدر استظهر أن الصحيح: تصمن.
(٣) تاريخ الطبري ٢: ١٠٠.
(4) في نسخة: جرى أبى بكر. ولعله انسب.
(5) في التاريخ: فانقطع قبال نعله. وفيه: وأسرع السعي. أقول: قبال النعل: زمامها
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»
الفهرست