بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٩٧
ومنها: أن إسماعيل كان يجوز أن الله جل جلاله يكرم إياه (1) بأنه لا يجد للذبح ألما، فإن الله تعالى قادر أن يجعله سهلا رحمة لأبيه وتكرما (2)، ومولانا علي عليه السلام استسلم للذين طبعهم القتل في الحال على الاستقصاء وترك الابقاء و التعذيب إذا ظفروا بما قدروا من الابتلاء.
ومنها: أن ذبح إسماعيل بيد أبيه الخليل عليهما السلام ما كان فيه شماتة ومغالبة ومقاهرة من أهل العداوات، وإنما هو شئ من الطاعات المقتضية للسعادات و العنايات، ومولانا علي عليه السلام كان قد خاطر بنفسه لشماتة الأعداء والفتك به بأبلغ غايات الاشتقاء (3) والاعتداء والتمثيل بمهجته الشريفة (4) والتعذيب له بكل إرادة من الكفار سخيفة.
ومنها: أن العادة قاضية وحاكمة أن زعيم العسكر إذا اختفى واندفع عن مقام الاخطار وانكسر علم القوة والاقتدار فإنه لا يكلف رعية المعلقون عليه (5) أن يقفوا موقفا قد فارقه زعيمهم، وكان معذورا في ترك الصبر عليه، ومولانا علي عليه السلام كلف الصبر والثبات على مقامات قد اختفى فيها زعيمه الذي يعول عليه وانكسر علم القوة الذي تنظر عيون الجيش إليه، فوقف مولانا علي عليه السلام وزعيمه غير حاضر فهو موقف قاهر، فهذا فضل من الله جل جلاله لمولانا علي عليه السلام باهر بمعجزات تخرق عقول ذوي الألباب، ويكشف لك أنه القائم مقامه في الأسباب.
ومنها: أن فدية مولانا علي عليه السلام لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله كانت من أسباب التمكين من مهاجرته ومن كل ما جرى من السعادات والعنايات بنوبته، فيكون مولانا علي عليه السلام قد صار من أسباب التمكين من كل ما جرت حال الرسالة عليه

(1) في نسخة: يكرم أباه.
(2) في نسخة: وتكريما.
(3) في نسخة من الكتاب ومصدره: الأشياء.
(4) فتك به: انتهز منه فرصة فقتله أو جرحه مجاهرة. والتمثيل: العقوبة والتنكيل. و المهجة: الدم: أو دم القلب: الروح.
(5) في المصدر: المتعلقون عليه.
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»
الفهرست