بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ١٠٥
طلع البدر علينا من ثنيات (1) الوداع * وجب الشكر علينا ما دعا لله داع وكان سلمان الفارسي عبدا لبعض اليهود وقد كان خرج من بلاده من فارس يطلب الدين الحنيف الذي كان أهل الكتب يخبرونه به، فوقع إلى راهب من رهبان النصارى بالشأم، فسأله عن ذلك وصحبه، فقال: اطلبه بمكة فثم مخرجه واطلبه بيثرب فثم مهاجره، فقصد يثرب فأخذه بعض الاعراب فسبوه، واشتراه رجل من اليهود، فكان يعمل في نخله، (2) وكان في ذلك اليوم على النخلة يصرمها (3) فدخل على صاحبه رجل من اليهود فقال: يا با فلان أشعرت أن هؤلاء المسلمة قد قدم عليهم نبيهم؟ فقال سلمان: جعلت فداك ما الذي تقول؟ فقال له صاحبه: مالك وللسؤال عن هذا؟ اقبل على عملك، قال: فنزل وأخذ طبقا فصير عليه من ذلك الرطب وحمله إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: ما هذا؟ قال: هذه صدقة تمورنا، بلغنا أنكم قوم غرباء قدمتم هذه البلاد فأحببت أن تأكلوا من صدقاتنا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: سموا وكلوا، فقال سلمان في نفسه وعقد بأصبعه: هذه واحدة يقولها بالفارسية، ثم أتاه بطبق آخر فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: ما هذا؟ فقال له سلمان: رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هدية أهديتها إليك، فقال صلى الله عليه وآله: سموا و كلوا، وأكل عليه السلام، فعقد سلمان بيده اثنتين، وقال: هذه آيتان، (4) يقولها بالفارسية

(١) قال ياقوت في معجم البلدان ٢: ٨٥: الثنية في الاصلا: كل عقبة في الجبل مسلوكه وثنية الوداع بفتح الواو: وهو اسم من التوديع عند الرحيل، وهي ثنية مشرفة على المدينة يطؤها من يريد مكة، واختلف في تسميتها بذلك، فقيل: لأنها موضع وداع المسافرين من المدينة إلى مكة، وقيل: لان النبي صلى الله عليه وآله ودع بها بعض من خلفه بالمدينة في آخر خرجاته، وقيل: في بعض سراياه المبعوثة عنه، وقيل: الوداع: اسم واد بالمدينة، والصحيح انه اسم قديم جاهلي سمى لتوديع المسافرين انتهى. أقول: ويؤيد الأخير البيت، ويظهر منه انها كانت معروفة عندهم بذلك.
(2) في المصدر: فكان يعمل في نخلة.
(3) صرم النخل والشجر: جزه.
(4) في المصدر: هذه اثنان.
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»
الفهرست