بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٨٣
وينجو محمد، لا تشتغلوا بعلي المخدوع لينجو بهلاكه محمد، وإلا فما منعه أن يبيت في موضعه إن كان ربه يمنع عنه كما يزعم؟ فقال علي عليه السلام: ألي تقول (1) هذا يا با جهل؟ بل الله قد أعطاني من العقل ما لو قسم على جميع حمقاء الدنيا ومجانينها لصاروا به عقلاء ومن القوة ما لو قسم على جميع ضعفاء الدنيا لصاروا به أقوياء، ومن الشجاعة ما لو قسم على جميع جبناء الدنيا لصاروا به شجعانا، ومن الحلم ما لو قسم على جميع سفهاء الدنيا لصاروا به حلماء، ولولا أن رسول الله صلى الله عليه وآله أمرني أن لا احدث حدثا حتى ألقاه لكان لي ولكم شأن، ولأقتلنكم قتلا، ويلك يا أبا جهل إن محمدا قد استأذنه في طريقه السماء والأرض والجبال والبحار في إهلاككم فأبى إلا أن يرفق بكم، ويداريكم، ليؤمن من في علم الله أنه ليؤمن منكم، ويخرج مؤمنون من أصلاب وأرحام كافرين وكافرات، أحب الله أن لا يقطعهم عن كرامته باصطلامهم، (2) ولولا ذلك لأهلككم ربكم، إن الله هو الغني وأنتم الفقراء لا يدعوكم إلى طاعته وأنتم مضطرون، بل مكنكم بما كلفكم وقطع معاذيركم فغضب أبو البختري بن هشام أخو أبي جهل (3) فقصده بسيفه، فرأى الجبال قد أقبلت لتقع عليه، والأرض قد انشقت لتخسف به، وأمواج البحار نحوه مقبلة لتغرقه في البحر، ورأي السماء انحطت لتقع عليه، فسقط سيفه وخر مغشيا عليه واحتمل ويقول أبو جهل: دير به (4) لصفراء هاجت به، يريد أن يلبس على من معه أمره، فلما التقى رسول الله صلى الله عليه وآله مع علي عليه السلام قال: يا علي إن الله رفع صوتك في مخاطبتك

(1) هكذا في النسخ، وفى المصدر: أنى تقول يا أبا جهل.
(2) في المصدر: أحب الله أن لا يقتطعهم عن كرامته باصطلامكم. أقول: الاصطلام: الاستئصال.
(3) خلا المصدر المطبوع والمخطوط الذي عندي عن قوله: " أخو أبى جهل " وهو الصحيح لان أبا البختري وأبا جهل ليسا بأخوين، فان أبا البختري هو العاص بن هشام بن الحارث بن أسد بن عبد العزى بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي. على قول ابن إسحاق وابن الكلبي، والعاص بن هاشم على قول ابن هشام ومصعب الزبيري، وأبو جهل هو عمرو بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي.
(4) في المصدر: دثر به.
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»
الفهرست