بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٢٣٨
يتمكن الناس من رؤيتهم ويتشبهوا بغيرهم من أنواع الحيوان، لان أجسامهم من الرقة على ما يمكن ذلك فيها، وقد وجدنا الانسان يجمع الهواء ويفرقه ويغير صور الأجسام الرخوة ضروبا من التغيير وأعيانها لم تزد ولم تنقص، وقد استفاض الخبر بأن إبليس تراءى لأهل دار الندوة في صورة شيخ من أهل نجد، وحضر يوم بدر في سورة سراقة، وإن جبرئيل عليه السلام ظهر لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله في صورة دحية الكلبي، قال: وغير محال أيضا أن يغير الله صورهم ويكشفها في بعض الأحوال فيراهم الناس لضرب من الامتحان.
" إذ يقول المنافقون " هذا يتعلق بما قبله، معناه وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم إذ يقول المنافقون وهم الذين يبطنون الكفر ويظهرون الايمان " والذين في قلوبهم مرض " وهم الشاكون في الاسلام مع إظهارهم كلمة الايمان، وقيل: إنهم فئة (1) من قريش أسلموا بمكة، واحتبسهم آباؤهم، فخرجوا مع قريش يوم بدر وهم قيس بن الوليد بن المغيرة، وعلي بن أمية بن خلف، والعاص بن المنبه (2) ابن الحجاج، والحارث بن زمعة، وأبو قيس بن الفاكه بن المغيرة، لما رأوا قلة المسلمين قالوا: " غر هؤلاء دينهم " أي غر المسلمين دينهم حتى خرجوا مع قلتهم لأجل دينهم إلى قتال المشركين مع كثرتهم، ولم يحسنوا النظر لأنفسهم حتى اغتروا بقول رسولهم، فبين الله تعالى أنهم هم المغرورون بقوله: " ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم " أي ومن يسلم لأمر الله ويثق به ويرض بفعله وإن قل عددهم فإن الله تعالى ينصرهم على أعدائهم، وهو عزيز لا يغلب، فكذلك لا يغلب من يتوكل عليه، وهو حكيم يضع الأمور مواضعها على ما تقتضيه الحكمة " ولو ترى " يا محمد " إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة " أي يقبضون أرواحهم عند الموت " يضربون وجوههم وأدبارهم " يريد إستاههم، وقيل: وجوههم ما أقبل منهم وأدبارهم ما أدبر منهم، والمراد يضربون أجسادهم من قدامهم ومن خلفهم، والمراد

(1) في المصدر: انهم فتية.
(2) في المصدر: " منبه " بلا حرف تعريف.
(٢٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 ... » »»
الفهرست