بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٢١٦
أن محمدا قد تعرض لعيرهم في أصحابه (1) فخرج ضمضم سريعا إلى مكة، وكانت عاتكة بنت عبد المطلب رأت (2) فيما يرى النائم قبل مقدم ضمضم بن عمرو بثلاث ليال أن رجلا أقبل على بعير له ينادي يا آل غالب اغدوا إلى مصارعكم، ثم وافى بجمله على أبي قبيس فأخذ حجرا فدهدهه (3) من الجبل فما ترك دارا من دور قريش إلا أصابته منه فلذة (3)، فانتبهت فزعة من ذلك فأخبرت العباس بذلك، فأخبر العباس عتبة ابن ربيعة، فقال عتبة: هذه مصيبة تحدث في قريش، وفشت الرؤيا فيهم، وبلغ ذلك أبا جهل، فقال: هذه نبيه ثانية في بني عبد المطلب، واللات والعزى لننظرن ثلاثة أيام، فإن كان ما رأت حقا وإلا لنكتبن كتابا بيننا أنه ما من أهل بيت من العرب أكذب رجالا ولا نساء من بني هاشم، فلما كان اليوم الثالث أتاهم ضمضم يناديهم بأعلى الصوت يا آل غالب يا آل غالب اللطيمة اللطيمة، العير العير، أدركوا وما أراكم تدركون، إن محمدا والصباة (5) من أهل يثرب قد خرجوا يتعرضون

(١) في الامتاع: استأجروه بعشرين مثقالا، وأمره أبو سفيان صخر بي حرب بن أمية ان يخبر قريشا ان محمدا قد عرض لعيرهم، وأمره ان يجدع بعيره إذا دخل مكة، ويحول رحله، ويشق قميصه من قبله ودبره، ويصيح الغوث الغوث انتهى أقول: كان من عادة العرب ان يعملوا ذلك حين يريدون ان ينذروا قومهم بالشر المستأصل.
(٢) في سيرة ابن هشام ٢: ٢٤٥ قالت: رأيت راكبا اقبل على بعير له حتى وقف بالأبطح ثم صرخ بأعلى صوته: الا انفروا يا آل غدر لمصارعكم في ثلاث، فأرى الناس اجتمعوا إليه ثم دخل المسجد والناس يتبعونه، فبينما هم حوله مثل به بعيره على ظهر الكعبة: ثم صرخ بمثلها:
الا انفروا يا آل غدر لمصارعكم في ثلاث، ثم مثل به بعيره على رأس أبى قبيس فصرخ بمثلها.
ثم أخذ صخرة فأرسلها، فأقبلت تهوى حتى إذا كانت بأسفل الجبل ارفضت، فما بقي بيت من بيوت مكة ولا دار الا دخلتها منها فلقة انتهى. وذكر المقريزي في إمتاع الأسماع رؤيا لضمضم ابن عمرو. قال رأى ضمضم بن عمرو ان وادى مكة يسيل دما من أسفله وأعلاه.
(٣) دهدهه: دحرجه فتدحرج.
(٤) الفلذة: القطعة.
(٥) قال الجزري في النهاية: صبأ فلان: إذا خرج من دين إلى دين غيره، وكانت العرب تسمى النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصابئ، لأنه خرج من دين قريش إلى دين الاسلام، ويسمون من يدخل في الاسلام مصبوا، لأنهم لا يهمزون فأبدلوا من الهمزة واوا، ويسمون المسلمين الصباة بغير همز، كأنه جمع الصابي غير مهموز كقاض وقضاة، وغاز وغزاة.
(٢١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»
الفهرست