بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ١٦٢
وينبع، جعلها الله لرسوله صلى الله عليه وآله يحكم فيها ما أراد، وأخبر أنها كلها له، فقال أناس:
فهلا قسمها فنزلت الآية، وقيل: إن الآية الأولى بيان أموال بني النضير خاصة لقوله: " وما أفاء الله على رسوله منهم " والآية الثانية بيان الأموال التي أصيبت بغير قتال، وقيل: إنهما واحد، والآية الثانية بيان قسم المال الذي ذكره الله في الآية الأولى، وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله يوم بني النضير: إن شئتم قسمتم للمهاجرين من أموالكم ودياركم وتشاركونهم في هذه الغنيمة، وإن شئتم كانت لكم دياركم وأموالكم ولا يقسم لكم شئ من الغنيمة، فقال لهم الأنصار: بل نقسم لهم من أموالنا وديارنا، ونؤثرهم بالغنيمة، ولا نشاركهم فيها، فنزلت " و يؤثرون على أنفسهم " الآية " منهم " أي من اليهود الذين أجلاهم " فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب " من الوجيف: سرعة السير، أي لم تسيروا إليها على خيل ولا إبل، والركاب: الإبل التي تحمل القوم " ولكن الله يسلط رسله على من يشاء " أي يمكنهم من عدوهم من غير قتال بأن يقذف الرعب في قلوبهم، جعل الله أموال بني النضير لرسوله صلى الله عليه وآله خاصة، يفعل بها ما يشاء، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وآله بين المهاجرين، ولم يعط الأنصار منها شيئا إلا ثلاثة نفر كانت بهم حاجة، وهم أبو دجانة وسهل بن حنيف والحارث بن صمة " من أهل القرى " أي من أموال كفار أهل القرى " فلله " يأمر فيه بما أحب " وللرسول " بتمليك الله إياه " ولذي القربى " يعني أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وقرابته وهم بنو هاشم " واليتامى والمساكين وابن السبيل " منهم " كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم " الدولة: الشئ الذي يتداوله القوم بينهم، أي لئلا يكون الفئ متداولا بين الرؤساء منكم، يعمل فيه كما كان يعمل في الجاهلية " وما آتاكم الرسول فخذوه " أي ما أعطاكم من الفئ فارضوا به، وما أمركم به فافعلوه، قال الزجاج: ثم بين سبحانه من المساكين الذين لهم الحق؟ فقال: " للفقراء المهاجرين " ثم ثنى سبحانه بوصف الأنصار ومدحهم حتى طابت أنفسهم عن الفئ فقال: " والذين تبوؤا الدار والايمان " الآية. (1)

(1) مجمع البيان 9: 260 - 262.
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»
الفهرست